للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والثاني: أنا إنْ جعلْنا العتقَ صَدَاقًا فإما أن يتقررَ العِتْقُ حالةَ الرقِّ وهو محالٌ أيضًا، أو حالة الحريةِ فيلزمُ سبقُها على العقد فيلزم وجودُ العتق حالَ فرضِ عدمِهِ وهوَ مُحَالٌ؛ لأنَّ الصداقَ لا بدَّ أنْ يتقدَّمَ تقرُّرُه على الزوجِ إما نصًا وإما حُكْمًا حتَّى تملكَ الزوجةُ طَلَبَهُ، ولا يَتَأَتَّى مثلُ ذلكَ في العتقِ فاستحالَ أنْ يكونَ صَدَاقًا، وأُجِيْبَ:

أوَّلًا: أنهُ بعدَ صحة هذه القصةِ لا [تبالي] (١) بهذهِ المناسباتِ.

وثانيًا: بعدَ تسليمِ ما قالُوه فالجوابُ عن الأوَّلِ أن العقدَ يكونُ بعدَ العتقِ وإذا امتنعتْ منَ العقدِ لزمَها السعايةُ بقيمتها ولا محذورَ في ذلكَ، وعنِ الثاني بأنَّ العتقَ منفعةٌ يصحُّ المعاوضةُ عنْها، والمنفعةُ إذا كانتْ كذلكَ صحَّ العَقْدُ عليها، مثلُ سُكْنَى الدارِ وخدمةِ الزوجِ ونحوِ ذلكَ. وأما قولُ مَنْ قالَ إنَّ ثوابَ العتْقِ عظيمٌ فلا ينبغي أنْ يفوتَ بجعلِهِ صَدَاقًا وكانَ يمكنُ جعلُ المهرِ غيرَه، فجوابُه أنهُ - صلى الله عليه وسلم - يفعلُ المفضولَ لبيانِ التشريعِ ويكونُ ثوابُه أكثرَ منْ ثوابِ الأفضلِ فهوَ في حقِّهِ أفضل. وأما جعلُ حديثِ عائشةَ في قصةِ جويريةَ مؤيِّدًا لحديثِ صفيةَ ولفظهُ: "أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قالَ لجويريةَ لما جاءتْ تستعينُه في كتابتِها: هلْ لكِ أنْ أقضيَ عنكِ كتابتَكِ وأتزوَّجَكِ؟ قالتْ: قدْ فعلتُ"، أخرجَه أَبو داودَ (٢). فلا يخْفَى أنهُ ليسَ فيهِ تعرُّضٌ للمهرِ ولا غيره فليسَ مما نحنُ فيهِ.

[مقدار المهر]

٢/ ٩٦٩ - وَعَنْ أَبي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرّحْمنِ - رضي الله عنه - أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - كَمْ كَانَ صَدَاقُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَتْ: كَانَ صَدَاقُهُ لأَزْوَاجِهِ اثْنَتَي عَشْرَةَ أُوقِيّةً وَنَشًّا، قَالَتْ: أَتَدْرِي مَا النَّشُّ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا، قَالَتْ: نِصْفُ


(١) في (ب): "يبالي".
(٢) في "السنن" (٤/ ٢٤٩ - ٢٥٠ رقم ٣٩٣١).
قلت: وأخرجه الحاكم (٤/ ٢٦ - ٢٧) من طريقين وقد سكت هو والذهبي عن الرواية الثانية وفيها الواقدي وهو ضعيف، وأخرجه أحمد بسند جيد (١٤/ ١٠٩ - ١١٠)، والطبراني في "الكبير" (٢٤/ ٦١). والخلاصة: فهو حديث حسن.