للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اعترافٍ لأنَّ الحدودَ تسقطُ بالشبهاتِ. واستدلَّ الأوَّلونَ بأنهُ قالَه عمرُ على المنبرِ ولمْ ينْكَرْ عليهِ فينزلُ منزلةَ الإجماعِ.

قلتُ: لا يخْفَى أنَّ الدليلَ هوَ الإجماعُ لا ما ينزلُ منزلتَهُ.

حدُّ الأَمة إذا زنت

٦/ ١١٣٥ - وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيّنَ زنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ، وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا، ثُمّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ، وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ فَتَبَيّنَ زِنَاهَا فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ (١). [صحيح]

(وعنْ أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: إذ زنتْ أَمَةُ أحدِكم فتبيَّنَ زناها فليجْلدِها الحدَّ ولا يثرِّبْ [عليها]) (٢) بمثناةٍ تحتيةٍ فمثلَّثةٍ فراءٍ فموحَّدةٍ، التعنيفُ لفظًا ومعنَىً (ثمَّ إذا زنتْ فلْيجْلِدْها الحدَّ ولا يثرِّبْ عَلَيْهَا، ثمَّ إذا زنتِ الثالثةَ فتبيَّنَ زنَاهَا فليبعْها ولو بحبلٍ منْ شَعرٍ. متفقٌ عليهِ (وهذا لفظُ مسلمٍ)، فيهِ مسائلُ:

الأُولى: دلَّ قولُه: "فتبيَّنَ زِنَاها"، أنهُ إذا علمَ السيِّدُ بِزنَى أَمَتِهِ جَلَدَها وإنْ لم تقمْ شهادةٌ، وذهبَ إليهِ بعضُ العلماءِ، وقيلَ: المرادُ إذا تبيَّنَ زِنَاهَا بما يتبيَّنُ بهِ في حقِّ الحرَّةِ وهوَ الشهادةُ أوِ الإقرارُ، والشهادةُ تُقَامُ عندَ الحاكمِ عندَ الأكثرِ، وقالَ بعضُ الشافعيةِ: تُقَامُ عندَ السيِّدِ.

وفي قولِه: "فليجلِدْها"، دليلٌ علَى أنَّ ولايةَ جلدِ الأَمَةِ إلى سيِّدِها وإليه ذهبَ الشافعيُّ (٣)، وعندَ الهادويةِ (٤) أنَّ ذلكَ إذا لم يكنْ في الزمانِ إمامٌ وإلَّا فالحدودُ إليهِ، والأولُ أَقْوَى، والمرادُ بالجلدِ الحدُّ المعروفُ في قولِه تعالَى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} (٥).


(١) مسلم (٣٠/ ١٧٠٣)، والبخاري (٦٨٣٩). قلت: وأخرجه الدارقطني (٢٣٨)، وأحمد (٢/ ٢٤٩)، والبيهقي (٨/ ٢٤٤)، والنسائي في "السنن الكبرى" (٤/ ٣٠٠)، رقم (٧٢٤٥/ ٧).
(٢) زيادة من (ب).
(٣) "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (٤/ ١٥٢).
(٤) "البحر الزخار" للمهدي (٥/ ١٥٩).
(٥) سورة النساء: الآية ٢٥.