للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اليمينِ، وإلى هذا ذهبَ أهلُ الظاهرِ، وعندَ بعضِ المالكيةِ وبعضِ أصحاب أحمدَ أنهُ يصح اللعانُ على الحمْلِ بشرطِ ذِكْرِ الزوجِ لنفي الولدِ دونَ المرأةِ [وبهِ] (١) يصحُّ نفيُ الولدِ وهوَ حملٌ ويُؤَخِّرُ اللعانُ إلى ما بعدَ الوضْعِ ولا دليلِ عليْهِما، بلِ الحقُّ قولُ الظاهريةِ فإنهُ لم يقعْ في اللعانِ عندَه - صلى الله عليه وسلم - نفيُ الولدِ ولمْ نرَهُ في حديثِ هلالٍ ولا عويمرٍ، ولم يكنِ اللعانُ إلَّا منْهما في عصْرِه - صلى الله عليه وسلم -، وأما لعانُ الحاملِ فقدْ ثَبَتَ في هذهِ الأحاديثِ. وقدْ أخرجَ مالكٌ (٢) عنْ نافعٍ عن ابن عمرَ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَاعَنَ بينَ رجلٍ وامرأتِه وانتفَى منْ ولدهِ فَفُرِّقَ بينَهما وأُلحِقَ الولدُ بالمرأةِ.

وفي حديثِ سهلٍ وكانتْ حاملًا فأنكرَ حَمْلَها وذكرَ أنهُ انتفَى منْ ولدِهِ ولكنَّه لا يدلُّ على اشتراطِ نفي الولدِ؛ لأنهُ فَعَلَهُ الرجلُ منْ تِلقاءِ نفسِه، وقالَ أبو حنيفةَ: لا يصحُّ نفيُ الحمْلِ واللعانُ عليهِ فإنْ لاعنَها حاملًا ثمَّ أتتْ بالولدِ لزمَهُ ولمْ يُمَكَّنْ منْ نَفْيهِ أصلًا لأنَّ اللعانَ لا يكونُ إلَّا بينَ الزوجيْنِ، وهذهِ قدْ بانتْ بلعانِهِمَا في حالِ حَمْلِها. ويجابُ بأنَّ هذَا رأيٌ في مقابلةِ النصِّ الثابتِ في حديثِ البابِ وفي حديثِ ابن عمرَ هذَا، وإنْ كانَ البخاريُّ قدْ بَيَّنَ أن قولَه فيهِ: وكانتْ حاملًا، منْ كلام الزُّهْريِّ لكنَّ حديثَ الباب صحيحٌ صريحٌ. وفي الحديثِ دليلٌ على العملِ بالقيافةِ (٣) وكانَ مقتضَاها إلحاقَ الولدِ بالزوجِ إنْ جاءتْ بهِ على صفتِه لأنهُ للفراشِ لكنَّه - صلى الله عليه وسلم - بَيَّنَ المانعَ عن الحكمِ بالقيافةِ نَفْيًا وإثباتًا بقولِه: لولا الأَيْمانُ لكانَ لي ولها شأنٌ.

[يشرع للحاكم المبالغة في المنع من الحلف]

٤/ ١٠٣٣ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَضعَ يَدَهُ عِنْد الْخَامِسَةِ عَلَى فِيهِ، وَقَالَ: "إِنَّهَا مُوْجِبَةٌ"، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (٤) والنَّسَائِيُّ (٥)، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ. [صحيح]


(١) في (ب): "بأنه".
(٢) في "الموطأ" (٢/ ٥٦٧ رقم ٣٥).
(٣) القائف: الذي يتتبَّع الآثار ويَعْرِفُها، ويَعْرِفُ شَبَهِ الرجُلِ بأخيهِ وأبيه، والجمع: القافَة.
يقال: فُلانٌ يَقُوفَ الأثر ويقتافُه قِيافةً، مثل: قَفَا الأثر واقتفاه. "النهاية" (٤/ ١٢١).
(٤) في "السنن" رقم (٢٢٥٥).
(٥) في "السنن" (٦/ ١٧٥ رقم ٣٤٧٢)، وهو حديث صحيح.