للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

معَ غيرِ هذَا (١). فإنْ قيلَ: هلْ يحسنُ أنْ يقولَ: "ردُّ السلامِ فإنهُ واجبٌ"، قيلَ: نعمْ فإنهُ منَ الأمرِ بالمعروفِ والنَّهْي عن المنكرِ فيجبُ، فإنْ لم يجبْ حَسُنَ أن يحلِّلَه منْ حقِّ الردِّ.

هل يُبدأُ الذمي بالسلام

٩/ ١٣٦٤ - وَعَنْهُ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تَبْدَأُوا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلامِ، وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ في طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهِ"، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (٢). [صحيح]

(وعنه) أي عن علي (- رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: لا تبدأوا اليهودَ والنَّصَارَى بالسلامِ، وإذا لقيتُموهُم في طريقِ فاضْطَّرُوهُم إلى أضيقِه. أخرجَه مسلمٌ). ذهبَ الأكثرُ إلى أنهُ لا يجوزُ ابتداءُ اليهودِ والنَّصارى بالسلامِ. وهوَ الذي دلَّ عليهِ الحديثُ؛ إذْ أصلُ النَّهي التحريمُ. وحُكِيَ عنْ بعضِ الشافعيةِ أنهُ يجوزُ الابتداءُ لهم بالسلامِ، ولكنْ يقتصِر على قولِ: السلامُ عليكمُ، ورُوِيَ ذلكَ عن ابن عباسٍ وغيرهِ، وحَكى القاضي عياضٌ عنْ جماعةٍ جوازَ ذلكَ لكنْ للضرورةِ والحاجةِ، وبهِ قالَ علقمةُ والأوزاعيُّ. ومنْ قالَ لا يجوزُ يقولُ: إنْ سلَّم على ذميٍّ ظنَّه مُسلمًا، ثم بانَ لهُ أنهُ يهوديٌّ فينبغي له أنْ يقولَ لهُ: رُدَّ عليَّ سلامي. ورُوِيَ عن ابن عمرَ (٣) أنهُ فعلَ ذلكَ والغرضُ منهُ أنْ يوحِشَه ويظهرَ لهُ أنهُ ليسَ بينَهما ألفةٌ. وعنْ مالكٍ أنهُ لا يُسْتَحَبُّ أنْ يستردَّه، واختارَه ابنُ العربيِّ (٤)، فإنِ ابتدأَ الذميُّ


(١) الإصرار على عدم رد السلام معصية، فالذي ينبغي إلقاء السلام عليه تذكيرًا له بالواجب وعساه يجيب. يرشد إلى ذلك قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ} - إلى قوله تعالى - {قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الأعراف: ١٦٤].
(٢) في "صحيحه" رقم (٢١٦٧).
قلت: وأخرجه أبو داود رقم (٥٢٠٥)، والترمذي رقم (٢٧٠٠) كلهم من حديث أبي هريرة وهو الصواب.
(٣) ذكره النووي في "الأذكار" (ص ٤٥٥)، قال: قال الحافظ لم يذكر المصنف من خرَّجه وقد وجدته في جامع ابن وهب، وأخرجه البيهقيُّ في "شعب الإيمان"، "الفتوحات الربانية" (٥/ ٣٤٤).
(٤) انظر: "الأذكار" (ص ٤٠٥).