للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سلَّمَ لم [يجبِ الردُّ عليهِ] (١) عندَ مَنْ قالَ [الإنصاتُ واجبٌ] (٢). [ويجبُ عندَ] (٣) مَنْ قالَ بأنهُ سنةٌ، وعلَى الوجهينِ لا ينبغي أنْ يردَّ أكثرُ منْ واحدٍ. وأما المشتغلُ بقراءةِ القرآنِ فقالَ الواحديُّ (٤): الأَوْلَى تركُ السلامِ عليهِ، فإنْ سلَّم [عليه أحد] (٥) كفاهُ الردُّ بالإشارةِ وإنْ ردَّ لفظًا استأنفَ الاستعاذةَ وقرأَ. قالَ النوويُّ (٦): فيهِ نظرٌ، والظاهرُ أنهُ يُشْرَعُ السلامُ عليهِ ويجبُ عليهِ الردُّ. ويندبُ (٧) السلامُ على مَنْ دخلَ بيتًا [وإن لم يكن] (٨) فيهِ أحدٌ لقوِله تعالَى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} (٩) الآيةَ. وأخرجَ البخاريُّ (١٠) في الأدبِ المفردِ، وابنُ أبي شيبةَ (١١) بإسنادٍ حسنِ عن ابن عمرَ - رضي الله عنه -: "يستحبُّ إذا لم يكنْ في البيتِ أحدٌ أنْ يقولَ السلامُ علينا وعلَى عبادِ اللَّهِ الصالحين". وأخرجَ الطبرانيُّ (١٢) عن ابن عباسٍ نحوَه. فإنْ ظَنَّ المارُّ أنهُ إذا سلَّم على القاعدِ لا يردُّ عليهِ فإنهُ يتركُ ظنَّه ويسلِّمُ، فلعلَّ ظنَّه يخطئ وإنْ لم يردَ عليهِ سلامه ردتْ عليهِ الملائكةُ كما وردَ ذلكَ، وأما مَنْ قالَ لا يسلِّم على مَنْ ظنَّ أنهُ لا يردُّ عليهِ لأنهُ يكونُ سببًا لتأثيمِ الآخرِ فهوَ كلامٌ غيرُ صحيحٍ، لأنَّ المأموراتِ الشرعيةَ لا تُتْرَكُ لمثلِ هذَا، ذكرَ [معناهُ] (١٣) النوويُّ (١٤)، وقالَ ابنُ دقيقِ العيدِ (١٥): لا ينبغي أنْ يسلِّمَ عليهِ الأنَّ توريطَ المسلمِ في المعصيةِ أشدُ منْ مصلحةِ السلامِ عليهِ، وامتثالُ حديثٍ الأمرِ بالإفشاءِ يحصلُ


(١) في (أ): "يستحق ردًا".
(٢) في (أ): "بوجوب الإنصات كما في الظاهر".
(٣) في (أ): "وأما".
(٤) "الأذكار" (ص ٤٠١).
(٥) زيادة من (أ).
(٦) "الأذكار" (ص ٤٠١).
(٧) انظر: "الأذكار" (ص ٤١٠).
(٨) زيادة من (أ).
(٩) سورة النور: الآية ٦١.
(١٠) رقم (١٠٥٥ ث ٢٦١) وفي ذيله أخرجه ابن أبي شيبة بسند حسن عنه.
(١١) في "مصنفه" رقم (٥٨٨٦).
(١٢) لم أجده عند الطبراني، ولعله الطبري، فقد أخرجه في "جامع البيان" (١٠/ ج ١٨/ ١٧٤، ١٧٥)، وصححه الحاكم على شرط الشيخين (٢/ ٤٠١) وزاد السيوطي في "الدر المنثور" (٦/ ٢٢٧) نسبته لعبد الرزاق، وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(١٣) زيادة من (ب).
(١٤) "الأذكار" (ص ٤١١).
(١٥) ذكره الحافظ في "الفتح" (١١/ ٢٠).