للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابنُ أبي حاتمٍ في العللِ (١) عن أبيه: هذا خطأ في المتنِ والإسنادِ، وإنَّما هوَ عن الزهريِّ عن أبي سلمةَ عن أبي هريرةَ مرفوعًا: "منْ أدركَ ركعةً منَ الصلاةِ فقدْ أدركَها"، وأما قولهُ: "من صلاةِ الجمعةِ" فوَهْمٌ، وقد أُخْرِجَ الحديثُ من ثلاثةَ عشرَ طريقًا عن أبي هريرةَ، ومن ثلاثةِ طرقٍ عن ابن عمرَ، وفي جميعِها مقال.

وفي الحديثِ دلالةٌ على أن الجمعةَ تصحُّ للَّاحقِ وإنْ لم يدركْ منَ الخطبة شيئًا، وإلى هذَا ذهبَ زيدُ بنُ عليٍّ، والمؤيدُ (٢)، والشافعيُّ (٣)، وأبو حنيفةَ (٤)، وذهبتِ الهادويةُ (٥) إلى أن إدراكَ شيءٍ منَ الخطبةِ شرطٌ لا تصحُّ [الجمعة] (٦) بدونهِ، وهذا الحديثُ حجةٌ عليهم وإنْ كانَ فيهِ مقالٌ، لكنَّ كثرةَ طرقِهِ يقوي بعضُها بعضًا معَ أنهُ أخرجهُ الحاكمُ من ثلاثِ طرقٍ (٧): أحدُها من حديث أبي هريرةَ وقال فيها: على شرطِ الشيخينِ، ثمَّ الأصلُ عدمُ الشرطِ حتَّى يقومَ عليه دليلٌ.

[هل القيام شرط في الخطبة]

٦/ ٤١٩ - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا، يَجْلِسُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ قَائِمًا، فَمَنْ نَبَّأكَ أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ جَالِسًا فَقَدْ كَذَبَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (٨). [صحيح]

(وعن جابرِ بن سمُرةَ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يخطبُ قائمًا ثمَّ يجلسُ، ثمَّ يقومُ فيخطبُ قائمًا، فمنْ أنبأكَ أنهُ كانَ يخطبُ جالسًا فقد كذبَ. أخرجهُ مسلمٌ).

الحديثُ دليلٌ أنهُ يشرعُ القيامُ حالَ الخطبتين، والفصلُ بينَهما بالجلوسِ، وقد اختلفَ العلماءُ هل [هو] (٩) واجبٌ أو سنةٌ؟


(١) (١/ ١٧٧٢ رقم ٤٩١).
(٢) "الروض النضير" (٢/ ٢١٤).
(٣) "مغني المحتاج" (١/ ٢٩٦).
(٤) "بدائع الصنائع" (١/ ٢٦٧).
(٥) "التاج المذهب" (١/ ١٤٠).
(٦) في (أ): "الصلاة".
(٧) تقدم قريبًا في تخريج الحديث (٥/ ٤١٨).
(٨) في "صحيحه" (٢/ ٥٨٩ رقم ٣٥/ ٨٦٢).
قلت: وأخرجه أبو داود (١٠٩٣)، والنسائي (٣/ ١١٠ رقم ١٤١٧).
(٩) زيادة من (ب).