للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بينَ المتلاعنينِ أنْ لا يجتمعَا أبدًا"، وعنْ عمرَ (١) يُفَرَّقُ بينَهما ولا يجتمعانِ أبدًا.

[هل فرقة اللعان فسخ أم طلاق بائن]

الرابعةُ: اختلفَ العلماءُ في فرقةِ اللعانِ هلْ هيَ فسخٌ أو طلاقٌ بائنٌ؟

فذهبتِ الهادويةُ والشافعيُّ وأحمدُ وغيرُهم إلى أنَّها فسخٌ مستدلينَ بأنَّها توجبُ تحريمًا مؤبَّدًا فكانتْ فَسْخًا كفرقةِ الرضاعِ إذْ لا يجتمعانِ أبدًا، ولأنَّ اللعانَ ليسَ صريحًا في الطلاقِ ولا كنايةَ فيهِ. وذهبَ أبو حنيفةَ إلى أنَّها طلاقٌ بائنٌ مستدلًا بأنَّها لا تكونُ إلَّا منْ زوجةٍ فهيَ منْ أحكامِ النكاحِ المختصةِ فهيَ طلاقٌ إذْ هوَ منْ أحكامِ النكاحِ المختصةِ، بخلاف الفسخِ فإنهُ قدْ يكونُ منْ أحكامِ غيرِ النكاحِ كالفسخِ بالعيبِ. وأُجِيْبَ بأنهُ لا يلزمُ منِ اختصاصِه بالنكاحِ أنْ يكونَ طلاقًا كما أنهُ لا يلزمُ فيهِ نفقةٌ ولا غيرُها.

الخامسة: وهي فرع للرابعة. اختلفوا لو أكذب نفسه بعد اللعان هل تحل له الزوجة؟ فقالَ أبو حنيفةَ: تحلُّ لهُ لزوالِ المانعِ المحرِّم وهوَ قولُ سعيدِ بن المسيِّبِ فإنهُ قالَ: فإنْ أكذبَ نفسَه فإنهُ خاطبٌ منَ الخطَّابِ. وقالَ ابنُ جبيرٍ: تُرَدُّ إليهِ ما دامتْ في العدةِ، وقالَ الشافعي وأحمدُ: لا تحلُّ لهُ أبدًا لقولِه - صلى الله عليه وسلم - لا سبيلَ لكَ عليها.

قلت: قدْ يجابُ عنهُ بأنهُ - صلى الله عليه وسلم - قالَه لِمنِ التعنَ ولم يكذِّبْ نفسَه.

السادسةُ: في حديثِ لعانِ هلالِ بن أميةِ أنهُ قذفَ امرأتَهُ عندَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بشريكِ بن سحماءَ، الحديثُ عندَ أبي داودَ (٢) وغيرِهِ. قالَ الخطابيُّ (٣): فيهِ منَ الفقهِ أن الزوجَ إذا قذفَ امرأتَه برجلٍ بعينِه ثمَّ تلاعَنَا فإنَّ اللعانَ يسقطُ عنهُ الحدَّ فيصيرُ في التقديرِ ذِكْرُه المقذوفَ بهِ تبعًا ولا يعتبرُ حكْمهُ، وذلكَ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قال لهلالِ بن أميةَ: البينةُ أو حدٌّ في ظَهْرِكَ، فلمَّا تلاعَنَا لم يتعرضْ لهلالٍ بالحدِّ. ولا يُرْوَى في شيءٍ منَ الأخبارِ أن شريك بنَ سحماءَ عفا عنهُ فعلِم أن الحدَّ الذي


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٤/ ٣٥١).
(٢) في "السنن" رقم (٢٢٥٤) وقد تقدم تخريجه قريبًا.
(٣) في "معالم السنن" (٢/ ٦٨٧) هامش السنن.