للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كانَ يلزمُه بالقذفِ سقطَ عنهُ باللعانِ وذلكَ لأنهُ مضْطَّرٌ إلى ذِكْرِ مَنْ يقذفُها بهِ لإزالةِ الضررِ عنْ نفسهِ، فلم يحملْ نفسَه على القصدِ لهُ بالقذفِ وإدخالِ الضررِ عليهِ.

قلتُ: ولا يخْفَى أنهُ لا ضرورةَ في تعيينِ مَنْ قَذَفَها بهِ، وقالَ الشافعيُّ: إنَّما يسقطُ عنهُ الحدُّ إذا ذكرَ الرجلَ وسمَّاهُ في اللعانِ، فإنْ لمْ يفعلْ ذلكَ حُدَّ لهُ. وقالَ أبو حنيفةَ: الحدُّ لازم لهُ وللرجلِ مطالبتُه بهِ، وقالَ مالكٌ: يُحَدُّ للرجلِ ويُلاعَنْ للزوجةِ، انتَهى.

قلتُ: ولا دليلَ في حديثِ هلالٍ علَى سقوطِ الحدِّ بالقذْفِ؛ لأنهُ حقٌّ للمقذوفِ ولم يردْ أنهُ [طالبه] (١) بهِ حتَّى يقولَ لهُ - صلى الله عليه وسلم - قدْ سَقَطَ باللعانِ أو بحده للقاذف، فيتبينُ الحكمُ، والأصلُ ثبوتُ الحدِّ على القاذفِ، واللعانُ إنَّما شُرعَ لدفعِ الحدِّ عن الزوجِ والزوجةِ.

٢/ ١٠٣١ - وَعَنْهُ - رضي الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ: "حِسَابُكُما عَلَى اللهِ، أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ، لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيهَا"، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَالي. فَقَالَ: "إِنْ كنْتَ صَدَقْتَ عَلَيهَا فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيهَا فَذَاكَ أَبْعَدُ لَكَ مِنْهَا". مُتَّفَق عَلَيْهِ (٢). [صحيح]

(وعنِ ابن عمرَ - رضي الله عنهما - أن رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ للمتلاعنَيْنِ: حسابُكما على اللَّهِ) بَيَّنَه بقولِه: (أحدُكما كاذبٌ) فإذَا كانَ أحدُهما كاذبًا فاللَّهُ هوَ المتوفي لجزائِهِ (لا سبيلَ لكَ عليْها) هوَ إبانةٌ للفُرقَةِ بينَهما كما سلفَ (قالَ: يا رسولَ اللَّهِ، مالي)، يريدُ بهِ الصَّدَاقَ الذي سلَّمه إليها، (قالَ: إنْ كنتَ صدقْتَ عليها فهوَ بما استحللتَ من فَرْجِهَا، وإن كنتَ كاذبًا عليها فذلكَ أبعدُ لك منْها. متفقٌ عليهِ). الحديثُ أفادَ ما سلفَ منَ الفراقِ بينَهما وأنَّ أحدَهما كاذب في نفسِ الأمرِ، وحسابُه على اللهِ، وأنهُ لا يرجعَ بشيءٍ


(١) في (ب): "طالب".
(٢) البخاري رقم (٥٣١٢)، ومسلم رقم (١٤٩٣).
قلت: وأخرجه أبو داود رقم (٢٢٥٧)، والنسائي (٦/ ١٧٧)، وأحمد في "المسند" رقم (٤٥٨٧ - شاكر)، والبيهقي (٧/ ٤٠١)، وابن عبد البر في "التمهيد" (٦/ ٢٠١)، وسعيد بن منصور في "السنن" رقم (١٥٥٦) وغيرهم.