للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولِذَا سمَى الله تعالى أيْمانَهُ شهادةً فقالَ: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللهِ} (١) فإذا نكلَ عنِ الأَيْمانِ وجبَ جلْدُه جَلْدَ القذفِ، كما أنهُ إذا رمَى أجنبيٌّ أجنبيةً ولم يأتِ بأربعةِ شهداءَ جُلِدَ للقذفِ، فالأزواجُ باقونَ في عمومِ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} (٢) داخلونَ في حُكْمهِ، ولِذَا قالَ - صلى الله عليه وسلم -: "البينةُ وإلَّا فحدٌّ في ظَهْرِكَ".

وإنَّما أنزلَ اللهُ آيةَ اللِّعانِ لإفادةِ أنهُ إذا فقدَ الزوجُ البيِّنةَ وهمْ الأربعةُ الشهداءِ فقدْ جعلَ اللهُ تعالَى عِوضَهم الأربعَ الأيمانِ، وزادَ الخامسةَ للتأكيدِ والتشديدِ، وجلْدُ الزوجِ بالنكولِ قولُ الجمهورِ (٣)، فكأنهُ قيلَ في الآيةِ [الأُولَى] (٤) ثمَّ لم يأتُوا بأربعةِ شهداءَ ولم يحلفُوا إنْ كانُوا أزواجًا لمنْ رمَوْا، وغايتُه أنَّها قيَّدتِ الآيةُ الثانيةُ بعضَ أفرادِ عمومِ الأُولَى بقيدٍ زائدٍ عِوَضًا عنِ القيدِ الأولِ إذا فُقِدَ الأولُ، واللهُ أعلمُ.

٣/ ١١٤٧ - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِر بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: لَقَدْ أَدْرَكْتُ أَبا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، فَلَمْ أَرَهُمْ يَضْرِبُونَ الْمَمْلُوكَ في الْقَذْفِ إلَّا أَرْبَعِينَ. رَوَاهُ مَالِكٌ (٥) وَالثَّوْرِيُّ في جَامِعِهِ. [مرسل]

[ترجمة عبد الله بن عامر]

(وعنْ عبدِ اللهِ بنِ عامرِ بنِ ربيعةَ) (٦) هوَ أبو عمرانَ (٧) عبدُ اللهِ بنُ عامرٍ


(١) سورة النور: الآية ٤.
(٢) سورة النور: الآية ٦.
(٣) انظر: "بداية المجتهد" (٣/ ٢٢٤) بتحقيقنا، و"الفقه الإسلامي وأدلته" للزحيلي (٧/ ٥٧٧).
(٤) زيادة من (ب).
(٥) في "الموطأ" (٢/ ٨٢٨ رقم ١٧). و"الموطأ" برواية أبي مصعب (١٧٧٨). قلت: وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٩/ ٤٣٨ رقم ١٣٧٩٤).
(٦) هو عبد اللهِ بن عامر بن ربيعة العنزي أبو محمد المدني حليف بني عدي، ولد في عهد
النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتوفي سنة بضع وثمانين. وقال ابن معين: لم يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال الترمذي في "الصحابة" - (٣٦٤) -: رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو غلام صغير - روى عنه حرفًا وإنما روايته عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. ["تهذيب التهذيب" (٥/ ٢٣٧ - ٢٣٨ رقم ٤٦٦). وتسمية أصحاب رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - للترمذي].
(٧) أما أبو عمران فهو عبد اللهِ بن عامر بن يزيد بن تميم بن ربيعة اليحصبي المقري الدمشقي، ولد سنة (٢١ هـ)، ومات سنة (١١٨ هـ)، وكان قليل الحديث. =