للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وهو في البخاري نحوه مِن حديثٍ ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - (١). [صحيح]

(وعنْ أنسِ بنِ مالكٍ: قالَ: أوَّلُ لِعَانٍ كانَ في الإسلامِ أنَّ شَرِيْكَ بنَ سحماءَ قذفَهُ هلالُ بنُ أميةَ بامرأتِه، فقال لهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: البيِّنَةُ وإلَّا فحدٌّ في ظَهْرِكَ. الحديثُ أخرجَهُ أبو يَعْلَى ورجالُه ثِقَاتٌ وهو في البخاريِّ نحوَهُ منْ حديثٍ ابنِ عباسٍ).

قولُه: أولُ لِعَانٍ، قدِ اختلفتِ الرواياتُ في سببِ نزولِ آيةِ اللِّعانِ (٢)، ففي روايةٍ أنسٍ هذهِ أَنَّها نزلتْ في قِصَّةِ هلال، وفي أُخْرَى أنَّها نزلتْ في قصةِ عُوَيْمِرٍ العجلانيِّ (٣). ولا ريبَ أنَّ أوَّلَ لعانٍ كانَ بِنُزُولِها لبيانِ الحكمِ وجُمِعَ بينَهما بأنَّها نزلتْ في شأنِ هلالٍ وصادفَ مجيءُ عويمرٍ العجلانيِّ، وقيلَ غيرُ ذلكَ.

والحديثُ دليلٌ على أنَّ الزوجَ إذا عجزَ عنِ البيّنةِ علَى ما ادَّعاهُ [على] (٤) ذلكَ الأمرِ وجبَ عليهِ الحدُّ إلَّا أنهُ نُسِخَ وجوبُ الحدِّ عليهِ بالملاعنةِ، وهذا منِ نَسْخِ السُّنةِ بالقرآنِ وإنْ كانتْ آيةُ جلدِ القذفِ وهيَ قولُه تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} (٥) الآيةُ سابقةٌ نزولًا على آيةِ اللِّعانِ، فآيةُ اللِّعانِ إمَّا ناسخةٌ على تقديرِ تراخي النزولِ عندَ مَنْ يشترطُه لقذفِ الزَّوْجِ، أو مخصصةٌ إنْ لم يتراخَ النزولُ، أوْ يكون آيةُ اللعانِ قرينةٌ على أنهُ أُرِيدَ بالعمومِ في قولِه تعالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} (٥) الخصوصُ وهوَ منْ عدَا القاذفِ لزوجتِه منْ بابِ استعمالِ العامِّ في الخاصِّ بخصوصِه، كذا قيلَ.

والتحقيقُ أنَّ الأزواجَ القاذفينَ لأزواجِهم باقونَ في عمومِ الآيةِ، وإنَّما جعلَ اللهُ تعالَى شهادةَ الزَّوْج أربعَ شهاداتٍ باللهِ قائمةً مقامَ الأربعةِ الشهداءِ،


= وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار" (٣/ ١٠١) من طريق محمد بن كثير، كلاهما حدثنا مخلد بن الحسين بهذا الإسناد.
(١) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٤٧٤٧).
قلت: وأخرجه أبو داود (٢٢٥٤)، والترمذي (٣١٧٩)، وابن ماجه (٢٠٦٧)، والدارقطني (٣/ ٢٧٧ - ٢٧٨ رقم ١٢٢)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣٩٣ - ٣٩٤)، والبغوي في "شرح السنة" (٩/ ٢٥٩ - ٢٦٠ رقم ٢٣٧٠) وقال: هذا حديث صحيح.
(٢) سورة النور: الآية ٦.
(٣) أخرجه البخاري (٤٧٤٥).
(٤) في (ب): "من".
(٥) سورة النور: الآية ٤.