للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فقالتْ هذهِ لصاحِبَتها: إنما ذهبَ بابنِكِ، وقالتِ الأُخرى: إنما ذهبَ بابنِكِ، فتحاكَمَتَا إلى داودَ - عليه السلام - فقضَى بهِ للكُبرى فخرجَتَا إلى سليمانَ فأخبرتاهُ فقال: ائتوني بالسكينِ أشقُّه بينَكُما نصفينِ، فقالتِ الصغْرى: لا تفعلْ يرحمْك اللَّهُ هوَ ابنُها فقضَى بهِ للصُّغْرى". وللعلماءِ قولانِ في المسألةِ: قولٌ إنهُ ينقضه إذا أخطأ، والآخرُ لا ينقضُهُ لحديث: "وإنْ أخطأ فلهُ أجرٌ" (١).

قلتُ: ولا يخْفَى أنهُ لا دليلَ فيهِ لأنَّ المرادَ: أخطأَ ما عندَ اللَّهِ، وما هوَ في نفسِ الأمرِ [من الحقِّ وهذا الخطأُ] (٢) لا يعلمُ إلا يومَ القيامةِ، أوْ بوحيٍ منَ اللَّهِ تعالَى، والكلامُ في الخطأِ يظهرُ [له في الدنيا منْ] (٣) عدمِ استكمال شرائطِ الحكمِ أو نحوِه.

[لا يقضي القاضي وهو مشوش الفكر]

٥/ ١٣٠٥ - وَعَنْ أَبي بَكْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "لَا يَحْكُمُ أَحَدٌ بَينَ اثْنَينِ وَهُوَ غَضْبَان"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٤). [صحيح]

(وعَنْ أبي بكرةَ - رضي الله عنه - قالَ: سمعت رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: لا يحكمُ أحدٌ بينَ اثنينِ وهوَ غضبانٌ. متفقٌ عليهِ). النَّهْيُ ظاهرٌ في التحريمِ، وحملَه الجمهورُ علَى الكراهةِ، وترجَم النوويُّ في شرحِ مسلم (٥) لهُ ببابِ كراهةِ قضاءِ القاضي وهوَ غضبانُ. وترجمَ البخارى (٦) ببابِ هلْ يقضي القاضي أو يفتي المفتي وهوَ غضبانُ؟ وصرَّحَ النوويُّ (٧) بالكراهةِ في ذلكَ، وإنَّما حملُوه على الكراهةِ نظَرًا إلى العلةِ المستنبَطَةِ المناسبةِ لذلكَ، وهو أنهُ لما رتَّبَ النَّهْيَ على الغضبِ، والغضبُ بنفسِه لا مناسبةَ فيهِ لمنعِ الحكمِ، وإنَّما ذلكَ لما هوَ مظنةٌ لحصولِه، وهوَ تشويشُ


(١) تقدم تخريجه حديث (٤/ ١٣٠٤) من كتابنا هذا.
(٢) في (أ) "ولم يعلم بخطأه وهذا".
(٣) في (أ) "بعد الحكم بسبب".
(٤) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٧١٥٨)، ومسلم (١٦/ ١٧١٧).
قلت: وأخرجه أبو داود (٣٥٨٩)، والترمذي (١٣٣٤)، والنسائي (٨/ ٢٣٧)، وابن ماجه (٢٣١٦)، والبيهقي (١٠/ ١٠٤، ١٠٥).
(٥) (١٢/ ١٥).
(٦) في "صحيحه" (١٣/ ١٣٦).
(٧) في "شرحه لمسلم" (١٢/ ١٥).