للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جوازِ وَقْفِ الأرضينَ، وأشارَ الشافعيُّ (١) أنهُ مِنْ خصائصِ الإسلامِ لا يُعْلَمُ في الجاهليةِ، وألفاظُه: وقفْتُ وحَبَسْتُ وسَبَّلْت وأَبَّدْتُ؛ فهذهِ صرائحُ ألفاظهِ، وكنايتُه تصدَّقتُ. واختُلِفَ في حرَّمْتُ فقيلَ صريحٌ، وقيلَ غيرُ صريحٍ. وقولُه: أوْ علم يُنْتَفَعُ بهِ، المرادُ النفعُ الأخرويُّ، فيخرجُ ما لا نَفْعَ فيهِ كعلمِ النجومِ منْ حيثُ أحكامِ السعادة وضدِّها، ويدخلُ فيهِ مَنْ أَلَّفَ علمًا نافعًا أو نَشَرَهُ فبقيَ مَنْ يرويهِ عنهُ وينتفعُ بهِ، أو كَتَبَ علمًا نافعًا ولو بالأُجرةِ معَ النيةِ، أو وَقَفَ كُتُبًا. ولفظُ الولدِ شاملٌ للأنثى والذكرِ، وشرطُ صلاحهِ ليكونَ الدعاءُ مُجَابًا.

والحديثُ دليلٌ على أنهُ ينقطعُ أَجْرُ كلِّ عملٍ بعدَ الموتِ إلا هذهِ الثلاثةَ فإنهُ يجري أَجْرُها بعدَ الموتِ ويتجدَّدُ ثوابُها.

قالَ العلماءُ: لأنَّ ذلكَ مِنْ كَسْبِه، وفيهِ دليلٌ على أن دعاءَ الولدِ لأَبَوْيهِ بعدَ الموتِ يلحقُهما، وكذلكَ غيرُ الدعاءِ منَ الصدقةِ، وقضاءِ الدَّيْنِ، وغيرِهما. واعلمْ أنهُ قدْ زِيْدَ على هذهِ الثلاثةِ ما أخرَجهُ ابنُ ماجهْ (٢) بلفظِ: "إنَّ مما يلحقُ المؤمنَ منْ عملهِ وحسناتهِ بعدَ موتِه عِلْمًا عقَمَهُ ونَشَرَهُ، وولدًا صالحًا تركَهُ، أو مُصْحَفًا ورَّثَه، أو مَسْجِدًا بناهُ، أو بَيْتًا لابنِ السبيلِ بناهُ، أو نَهَرًا أجراهُ، أو صدقةً أخرجَها منْ مالهِ في صحَّتهِ وحياتهِ تلحقُه مِنْ بعدِ موتِه". ووردَ خصالٌ أخرى تبلغها عشرًا، ونَظَمَها الحافظُ السيوطي رحمهُ اللَّهُ تعالى قالَ:

إذا ماتَ ابنُ آدمَ ليسَ يجري … عليهِ منْ فِعالٍ غيرُ عشرِ

علومٌ بثَّها ودعاءُ نَجْلٍ … وغرسُ النخلِ والصدقاتُ تجري

وِراثةُ مصحفٍ ورباطُ ثَغْرٍ … وحَفْرُ البئرِ أو إجراءُ نَهْرِ

وبيتٌ للغريبِ بناهُ يأوي … إليهِ أو بناءُ محلِّ ذِكْرِ

[وقف العقار وعدم بيعه]

٢/ ٨٧٤ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَصَابَ عُمَر - رضي الله عنه - أَرْضًا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى


(١) انظر: "فتح الباري" (٥/ ٤٠٣)، و"الأم" (٤/ ٥٤، ٥٥).
(٢) في "سننه" (١/ ٨٨ رقم ٢٤٢)، وحسنه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (١/ ٤٦ رقم ١٩٨)، وفي "الإرواء" (٦/ ٢٩).