للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأول: ما أشارَ إليهِ الحديثُ - وهوَ لبسُ الخفَّينِ - معَ كمالِ طهارةِ القدمينِ، وذلكَ بأنْ يلبسهما وهوَ على طهارةٍ تامةٍ: بأن يتوضأَ حتَّى يكملَ وضوءَه ثمَّ يلبسُهما، فإذا أحدثَ بعدَ ذلك حدثًا أصغرَ جاز المسحُ عليهما، بناءً على أنهُ أريدَ "بطاهرتينِ" الطهارةُ الكاملةُ، وقدْ قيلَ: بلْ يُحْتَمَلُ أنهمَا طاهرتانِ عن النجاسةِ، يُروَى عنْ داودَ. ويأتي منَ الأحاديثِ ما يقويِّ القولَ الأولَ.

والثاني: مستفادٌ منْ مُسَمَّى الخفِّ؛ فإنَّ المرادَ بهِ الكاملُ؛ لأنهُ المتبادرُ عندَ الإطلاقِ، وذلكَ بأنْ يكونَ ساترًا قويًا، مانعًا نفوذَ الماءِ، غيرَ مخرَّقٍ، فلا يُمْسَحُ على ما لا يسترُ العقِبينِ، ولا على مخرَّقٍ يبدو منهُ محلُّ الفرْضِ، ولا على منسوجٍ؛ إذْ لا يمنعُ نفوذَ الماءِ، ولا مغصوبٍ؛ لوجوبِ نزعهِ.

هذَا وحديثُ المغيرةِ لم يبيِّنْ كيفيةَ المسحِ، ولا كميتَهُ ولا محلَّهُ، ولكنَّ الحديث الثاني الذي أفادهُ قولُ المصنفِ (وللأربعةِ عنهُ إلا النسائيَّ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مسحَ أعلى الخفِّ وأسفَلهُ، وفي إسنادِهِ ضعفٌ) بَيَّنَ أن محلَّ المسحِ أعلَى الخفِّ وأسفَلَهُ، ويأتي مَنْ ذهبَ إليهِ، ولكنهُ قدْ أشارَ إلى ضعفهِ، وقد بَيَّنَ وجهَ ضعفِهِ في "التلخيص" (١)، وأنَّ أئمةَ الحديثِ ضعَّفوهُ بكاتبِ المغيرةِ هذا، وكذلكَ بَيَّنَ محلَّ المسحِ وعارضَ حديثَ المغيرةِ هذَا.

[كيفية المسح على الخفين]

٢/ ٥٤ - وَعَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - أَنَّهُ قَالَ: "لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرأيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلاهُ، وَقَدْ رَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ). [حسن]

أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ (٢).

قولُه: (وَعَنْ عَليٍّ - عليه السلام - أنهُ قالَ: لو كَانَ الدِّينُ بالرأي) أيْ: بالقياسِ،


(١) (١/ ١٥٩ - ١٦٠).
(٢) في "السنن" (١/ ١١٤ رقم ١٦٢)، وهو حديثٌ حسن.
قلت: وأخرجه الدارقطني (١/ ١٩٩ رقم ٢٣)، والبيهقي (١/ ٢٩٢)، والدارمي (١/ ١٨١)، وابن أبي شيبة (١/ ١٨١) من رواية عبد خير عن علي - رضي الله عنه -.