للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وملاحظةِ المعاني (لكانَ أسْفَلُ الخُفِّ أَوْلَي بالمَسْحِ مِنْ أَعْلاه) أي: ما تحتَ القدَمينِ [أولى] (١) بالمسحِ منَ الذي هوَ [على] (٢) أعلاهُما؛ لأنهُ الذي يباشرُ المشيَ، ويقعُ على ما ينبغي إزالتُهُ، بخلافِ أعلاهُ، وهوَ ما [غطى] ظهْرَ القدمِ. (وَقَدْ رأيتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يمسحُ عَلى ظاهِرِ خُفَّيْهِ. أخرجهُ أبو داودَ بإسنادٍ حسنٍ)، وقالَ المصنفُ في "التلخيص" (٣): إنهُ حديثٌ صحيحٌ.

والحديثُ فيهِ إبانةٌ لمحلِّ المسحِ على الخفينِ، وأنهُ ظاهرُهُما لا غيرُ، ولا يُمسحُ أسفلُهُما. وللعلماءِ في ذلك قولانِ:

أحدُهُما: أن يغمسَ يديهِ في الماءِ، ثمَّ يضعُ باطنَ كفِّهِ اليسرَى تحتَ عقِب الخُفِّ، وكفَّهُ اليُمنى عَلَى أطرافِ أصابعِهِ، ثمَّ يُمِرُّ اليُمنى إلى ساقِهِ، واليُسرَى إلىَ أطرافِ أصابعهِ، وهذا للشافعيِّ.

واستدلَّ لهذهِ الكيفيةِ بما وردَ في حديثِ المغيرةِ: "أنهُ - صلى الله عليه وسلم - مسحَ على خفَّيهِ، ووضعَ يدَهُ اليمنى على خُفِّهِ الأيمنِ، ويدَهُ اليسرى على خفهِ الأيسرِ، ثمَّ مسحَ أعلاهُما مسحةً واحدةً، كأنِّي أنظرُ أصابَعهُ على الخفينِ"، رواه البيهقيُّ (٤)، وهوَ منقطعٌ، على أنهُ لا يفي بتلكَ الصفةِ.

وثانيهمَا: مسحُ أعلى الخُفِّ دونَ أسفلِهِ، وهي التي أفادَها حديثُ عليٍّ - عليه السلام - هذا، وأمَّا القدرُ المجزئُ منْ ذلكَ فقيلَ: لا يُجزئُ إلَّا قدرَ ثلاثِ أصابعَ بثلاثِ أصابعَ، وقيل: ثلاث ولوْ بأصبعٍ، وقيلَ: لا يجزئُ إلَّا إذا مسحَ أكثرِهِ، وحديثُ عليٍّ، وحديثُ المغيرةِ المذكورانِ في الأصلِ ليسَ فيهما تعرضٌ لذلكَ.

نعمْ قد رُوِي عنْ عليٍّ - عليه السلام -: "أنهُ رأى رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يمسحُ على ظهرِ الخُفِّ خطوطًا بالأصابعِ". قالَ النوويُّ (٥): إنهُ حديثٌ ضعيفٌ. ورُوي عنْ


(١) في النسخة (ب): "أحق".
(٢) زيادة من النسخة (ب).
(٣) (١/ ١٦٠).
قلت: لكن البيهقي (١/ ٢٩٢) قال: "وعبد خير لم يحتج به صاحبا الصحيح".
(٤) في "السنن الكبرى" (١/ ٢٩٢). وقال الذهبي في "المهذب في اختصار السنن الكبرى" (١/ ٢٩٢): "فيه انقطاع ما".
(٥) في "المجموع شرح المهذب" (١/ ٥٢٢).