للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إيمانًا وتسليمًا ثمَّ أسندَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "أنهُ قالَ: مَنْ رَأى جنازةً فقالَ: اللَّهُ أكبرُ، صدقَ اللَّهُ ورسولُه، هذَا ما وعدَ اللَّهُ ورسولُه، اللهمَّ زدْنا إيمانًا وتسليمًا، تكتبُ لهُ عشرونَ حسنةً".

[الندب إلى الإسراع بالجنازة]

٣٦/ ٥٣٥ - وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَسْرِعُوا بالْجَنَازَةِ، فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيرٌ تُقَدِّمُونَهَا إِلَيهِ، وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (١) [صحيح]

(وعنْ أبي هريرةَ - رضي الله عنه - عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: قالَ أسرعُوا بالجنازةِ فإنْ تكُ) أي: الجنازةُ، والمرادُ بها الميتُ (صالحةً فخيرٌ)؛ خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ أي: فهوَ خيرٌ، ومثلُه شرٌّ الآتي (تقدمونَها إليهِ، وإنْ تكُ سِوى ذلكَ فشرٌّ تضعونَه عنْ رِقابِكمِ. متفقٌ عليهِ)، نقل ابنُ قدامةُ (٢) أن الأمرَ بالإسراعِ للندب بلا خلافٍ بينَ العلماءِ، وسئلَ ابنُ حزمٍ (٣) فقالَ بوجوبهِ، والمرادُ بهِ شدةُ المَشي، وعلى ذلكَ حملَهُ بعضُ السلفِ. وعندَ الشافعيِّ والجمهورِ المرادُ بالإسراعَ ما فوقَ سجيةِ المشي المعتادِ، ويكرهُ الإسراعُ الشديدُ.

والحاصلُ أنهُ يستحبُّ الإسراعُ بها لكنْ بحيثُ إنهُ لا ينتهي إلى شدةٍ يخافُ معَها حدوثُ مفسدةٍ بالميتِ، أو مشقةٍ على الحاملِ والمشيِّعِ.

وقالَ القرطبيُّ (٤): مقصودُ الحديثِ أن لا يتباطأَ بالميتِ عن الدفنِ، ولأن البطء ربما أدَّى إلى التباهي والاختيال؛ هذا بناء على أن المراد بقوله بالجنازةِ بحملها إلى قبرِها. وقيلَ: المرادُ الإسراعُ بتجهيزِها فهوَ أعمُّ منَ الأولِ.

قال النوويُّ: وهذَا باطلٌ مردودٌ بقولهِ في الحديثِ: تضعونَهُ عنْ رقابِكم،


(١) البخاري (١٣١٥)، ومسلم (٩٤٤).
قلت: وأخرجه مالك (١/ ٢٤٣)، وأبو داود (٣١٨١)، والترمذي (١٠١٥)، والنسائي (٤/ ٤٢)، وابن ماجه (١٤٧٧).
(٢) في المغني (٢/ ٣٥٣).
(٣) في "المحلّى" (٥/ ١٥٤).
(٤) في "الجامع لأحكام القرآن" (٤/ ٣٠٠ - ٣٠١).