للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وعنِ ابن عمرَ - رضي الله عنهما - أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ردَّ اليمينَ على [طالب] (١) الحقَ. رواهُما) أي: هذَا والذي قبلَه (الدارقطنيُّ، وفي إسنادِهما ضَعْفٌ). وجه ضعف هذا الحديث أن مداره على محمد بن مسروقٍ عنْ إسحاقَ بن الفراتِ، ومحمدٌ لا يُعْرَفُ، وإسحاقُ مختلَفٌ فيهِ كما قال المصنفُ. قالَ الذهبيُّ في الكاشفِ (٢): إنَّ إسحاقَ بن الفراتِ قاضي مصرَ ثقةٌ معروفٌ. قالَ البيهقيُّ: الاعتمادُ في هذا البابِ على أحاديثِ القسامةِ، فإنهُ قالَ - صلى الله عليه وسلم - لأولياءِ الدمِ: تحلفون؟ فأَبَوْا، فقال: تحلف يهودُ" (٣)، وهوَ حديثٌ صحيحٌ، وساقَ الرواياتِ في القَسَامةِ، وفيها ردُّ اليمينِ، قالَ: فهذهِ الأحاديثُ هيَ المعتمدَةُ في ردِّ اليمينِ على المدَّعي إذا لم يحلفْ المدَّعَى عليهِ.

قلت: وهذَا منهُ قياسٌ إلَّا أنهُ قدْ ثبتَ [عندَهم] (٤) أن القسامةَ على خلافِ القياسِ، [وثبتَ أنهُ] (٥) لا يُقَاسُ علَى ما خالفَ القياسَ. وقدِ استُدِلَّ بحديثِ الكتابِ علَى ثبوتِ ردِّ اليمينِ على المدَّعي، والمرادُ به أنَّها تجبُ اليمينُ على المدَّعي ولكنْ إذا لم يحلفْ المدَّعَى عليهِ. وذهبَ الشافعي وآخرونَ إلى أنهُ إذا نَكَلَ المدَّعَى عليهِ فإنهُ لا يجبُ بالنكولِ شيءٌ إلَّا إذا حلفَ المدَّعي. وذهبَ الهادويةَ وجماعةٌ إلى أنهُ يثبتُ الحقُّ بالنكولِ منْ دونِ تحليفِ للمدَّعي. وقالَ الميؤيدُ: لا يحكمُ بهِ ولكنْ يُحْبَسُ حتَّى يحلفَ أوْ يقرَّ. استدلَّ الهادويةُ بأن النكولَ كالإقرارِ. ورُدَّ أنهُ مجرَّدُ تمرُّدٍ عنْ حقٍّ معلومٍ، وجوابهُ عليهِ وهوَ اليمينُ فيحبسُ لهُ حتَّى يوفِّيهُ أو يُسْقِطَه بالإقرارِ، واستدلُّوا أيضًا بأنهُ حكمَ بهِ عمرُ وعثمانُ وابنُ عباسٍ وأبو موسَى، وأُجِيْبَ [بأن ذلك ليس بحجة؛ إذ هو فعل صحابي] (٦)، نعمْ لو صحَّ حديث ابن عمر كان الحجة فيه.

[الاعتبار بالقيافة في ثبوت النسب]

١٠/ ١٣٣٦ - وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ


(١) في (أ): "صاحب".
(٢) (١/ ٦٤ رقم ٣١٤).
(٣) في "السنن الكبرى" (٨/ ١١٧، ١٢٤).
(٤) في (أ): "عند أهل الأصول".
(٥) زيادة من (ب).
(٦) في (ب): بعدم حجة أفعالهم.