للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَعَنْ أَنَسٍ) كأنهُ تركَ الإضمارَ فلمْ يقلْ: (وعنهُ) لبعدِ الاسمِ الظاهرِ بخلافهِ في الحديثِ الثاني، وفي بعضِ النسخِ من بلوغِ المرامِ: (وعنهُ) بالإضمارِ أيضًا (قالَ: كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يدخل الخلاء، فأحمل أنا وغلامٌ) الغلامُ: هوَ المترعرعُ، قيلَ: إلى حدِّ السبعِ السنينَ، وقيلَ: إلى الالتحاءِ. ويطلقُ على غيرِهِ مجازًا.

(نَحْوي إدَاوَةً) بكسرِ الهمزةِ: إناءٌ صغيرٌ منْ جلدٍ يُتَّخَذُ للماءِ، (مِنْ مَاءٍ وَعَنَزَةً) بفتحِ العينِ المهملةِ، وفتحِ النونِ، فزايٍ: هي عصًا طويلةً في أسفلِها زجٌّ. ويقالُ: رمحٌ قصيرٌ.

(فيستنجي بالماءِ. متفقٌ عليهِ) المرادُ بالخلاءِ هُنَا الفضاءُ بقرينةِ العَنَزَةِ؛ لأنهُ كانَ إذا توضأَ صلَّى إليها في الفضاءِ، أو يستترُ بها بأنْ يضعَ عليها ثوبًا، أوْ لغيرِ ذلكَ منْ قضاءِ الحاجاتِ التي تعرضُ لهُ؛ ولأنَّ خدمتَهُ في البيوتِ تختصُّ بأهلهِ. والغلامُ الآخرُ اختلفَ فيهِ، فقيلَ: ابنُ مسعودٍ، وأُطِلْقَ عليهِ ذلكَ مجازًا. ويبعدهُ قولُهُ: (نحوي)، فإنَّ ابنَ مسعودٍ كانَ كبيرًا، فليسَ نحوَ أنس في سِنِّهِ. ويحتملُ أنهُ أرادَ نحوي في كونهِ كانَ يخدمُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيصحُّ، فإنَّ ابنَ مسعودٍ كانَ صاحبَ سوادِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يحمل [نعله] (١) وسواكَهُ، أو لأنهُ مجازٌ كما في الشرح، وقيلَ: هوَ أبو هريرةَ، وقيلَ: جابرُ بنُ عبدِ اللَّهِ.

[الأحكام الفقهية من الحديث]

والحديثُ دليلٌ على جوازِ الاستخدامِ [للصغيرِ] (٢)، وعلى الاستنجاءِ بالماءِ، ونُقِلَ عنْ مالكٍ أنهُ أنكرَ استنجاءَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالماءِ. والأحاديثُ قدْ أثبتتْ ذلكَ، فلا سماعَ لإنكارِ مالكٍ. قيلَ: وعلى أنهُ أرجحُ منَ الاستنجاءِ بالحجارةِ، وكأنهُ أخذهُ مِنْ زيادةِ التكلفِ بحملِ الماءِ بيدِ الغلامِ، ولو كانَ يساوي الحجارةَ أو هي أرجحُ منهُ لَمَا احتاجَ إلى ذلكَ.

والجمهورُ منَ العلماءِ على أنَّ الأفضلَ الجمعُ بينَ الحجارةِ والماءِ، فإنِ اقتصرَ على أحدِهما فالأفضلُ الماءُ، حيثُ لمْ يُردِ الصلاةَ، فإنْ أرادَها فخلافٌ:


=في "شرح السنة" (١/ ٣٨٩ رقم ١٩٥)، وأحمد (٣/ ١٧١).
(١) في (أ): "نعليه".
(٢) في (أ): "بالصغير".