للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المضيُّ فيهِ، وأن الإحرامَ ينعقدُ معَ الصحةِ والفسادِ، وينعقدُ مطلقًا مجهولًا معلَّقًا، فجازَ أنْ يقعَ عنْ غيرِه ويكونُ عنْ نفسه، وهذَا لأنَّ إحرامه عن الغيرِ باطلٌ لأجلِ النَّهْيِ، والنَّهْيُ يقتضي الفسادَ. وبطلانُ صفةِ الإحرامِ لا توجبُ بطلانَ أصلِه، وهذا قولُ أكثرِ الأمةِ إنهُ لا يصحُّ أنْ يحجَّ عنْ غيرِه مَنْ لم يحجَّ عنْ نفسِه مطلقًا، مستطيعًا كانَ أو لا، لأنَّ تركَ الاستفصالِ والتفريقَ في حكايةِ الأحوالِ دالٌ على العمومِ، ولأنَّ الحجَّ واجبٌ في أولِ سنةٍ منْ سِنِيِّ الإمكانِ، فإذا أمكَنَهُ فعلُه عنْ نفسِه لم يجزْ أنْ يفعلَه عنْ غيرِه، لأنَّ الأولَ فرضٌ، والثاني نفلٌ، كمنْ عليهِ دينٌ وهو مطالبٌ بهِ ومعهُ دارهمُ بقدرِه لم يكنْ لهُ أنْ يصرفها إلا إلى دينِه، وكذلكَ كلُّ ما احتاجَ أنْ [يصرفها] (١) إلى واجب عنهُ فلا يصرفُه إلى غيرِه، إلَّا أن هذَا إنَّما يتمُّ في المستطيعِ، ولذَا قيلَ: إنَّما يُؤْمَرُ بأنْ يبدأَ بالحجِّ عنْ نفسِه إذا كانَ واجبًا عليهِ وغيرُ المستطيعِ لم يجبْ عليهِ، فجازَ أنْ يحجَّ عنْ غيرِهِ، ولكنَّ العملَ بظاهرِ عمومِ الحديثِ أَوْلَى.

[يجب الحج مرة واحدة في العمر]

١٢/ ٦٧٦ - وَعَنْهُ - رضي الله عنهما - قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "إنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيكُمْ الْحَجَّ"، فَقَامَ الأقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ فَقَالَ: أَفِي كُلِّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "لَوْ قُلْتُهَا لَوَجَبَتْ، الْحَجُّ مَرَّةً، فَمَا زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ"، رَوَاهُ الْخَمْسَةُ غَيْرُ التِّرْمِذيِّ (٢). [صحيح]


(١) في النسخة (ب): (يصرفه).
(٢) أبو داود (١٧٢١)، والنسائي (٥/ ١١١)، وابن ماجه (٢٨٨٦)، وأحمد رقم (٢٦٦٣ و ٢٧٤١ و ٢٩٧١ و ٢٩٩٨ - شاكر).
قلت: وأخرجه الحاكم (١/ ٤٤١ و ٤٧٠)، والدارمي (٢/ ٢٩) من طرق.
قال الحاكم: إسناده صحيح، وأبو سنان هو الدؤلي. قلت: واسمه: يزيد بن أمية. وهو ثقة، ومنهم من عدَّه في الصحابة.
وله في الدارمي (٢/ ٢٩)، وأحمد (١/ ٢٩٢ و ٣٠١ و ٣٢٣ و ٣٢٥) متابع من طريق سماك عن عكرمة عن ابن عباس باختصار. وهو إسناد لا بأس به في المتابعات.
وللحديث شواهد من حديث أبي هريرة وعلي بن أبي طالب. انظر تخريجها في كتابنا: "إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة" جزء الحج.
والخلاصة: أن الحديث صحيح، والله أعلم.