للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حاضرٌ لبادٍ؛ وهي كلمةٌ جامعةٌ لا يبيعُ له شيئًا، ولا يبتاعُ له شيئًا. فإنْ قيلَ قدْ لُوحِظَ في النَّهْي عنْ تلقي الجلوبةِ عدمُ غَبْنِ البادي، ولوحظَ في النَّهي عن بيع الحاضرِ للبادي الرفقُ بأهلِ البلدِ، واعتُبرَ فيهِ غبنُ البادي، وهوَ [تناقض] (١)، فالجوابُ أن الشارعَ يلاحظُ مصلحةَ الناسِ، ويقِّدمُ مصلحةَ الجماعةِ على الواحدِ، لا الواحدِ على [الجماعةِ] (٢). ولما كانَ البادي إذا باعَ لنفسِه انتفعَ جميعُ أهلِ السوقِ واشتَرَوا رخيصًا فانتفعَ بهِ جميعُ [أهل] (٣) البلدِ، [لاحظ] (٤) الشاعُ نفعَ أهلِ البلدِ على نفعِ البادي، ولما كانَ في التلقي [إنما ينتفعُ المتلقي خاصةً وهوَ واحدٌ لم يكنْ في إباحةِ التلقي] (٥) مصلحةٌ، لا سيِّما وقدْ تنضافُ إلى ذلكَ علةٌ ثانيةٌ وهي لحوقُ الضررِ بأهلِ السوقِ في انفرادِ المتلقي عنْهم في الرخصِ، وقطعِ المواردِ عليهمْ، وهمْ أكثرُ منَ المتلقي، [نظرَ] (٦) الشارعُ لهم فلا تناقضَ بينَ المسألتينِ بلْ هما صحيحتانِ في الحكمةِ والمصلحةِ.

٢٨/ ٧٦٣ - وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ - صلى الله عليه وسلم -: (لا تَلَقُّوا الْجَلَبَ، فَمَنْ تُلُقَّيَ فَاشْتُرِيَ مِنْهُ، فَإِذَا أَتَى سيِّدُهُ السُّوقَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ)، رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٧) [صحيح]

(وعنْ أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: لا تلقُّوا الجَلَبَ)، بفتحِ اللامِ، مصدرٌ بمعنَى المجلوبِ، (فمنْ تُلُقِّيَ [فاشتُرِيَ] (٨) منهُ فإذا أَتَى سيِّدُهُ السوقَ فهوَ بالخيارِ. رواهُ مسلمٌ). تقدَّمَ الكلامُ عليهِ (٩)، وأنهُ دليل على ثبوتِ الخيارِ للبائعِ، وظاهرُه ولو شراهُ المتلقي بسعر السوقِ فإنَّ الخيارَ ثابتٌ.

[النهي عن بيع الرجل على بيع أخيه]

٢٩/ ٧٦٤ - وَعَنْهُ - رضي الله عنه - قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلا يَبِيعُ الرّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، وَلا


(١) في (ب): (كالتناقض).
(٢) في (أ): (الواحد).
(٣) في (ب): (سكان).
(٤) في (ب): (فلاحظ).
(٥) ما بين القوسين في المطبوع دون المخطوط زيادة من (ب).
(٦) في (ب): (فنظر).
(٧) في (صحيحه) (١٦، ١٧/ ١٥١٩)، وقد سبق تخريجه أثناء شرح الحديث السابق ص (٥٠).
(٨) في (أ): (فاشتروا).
(٩) أثناء شرح الحديث السابق.