للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَإِذا أقبلتْ حَيْضَتُكِ) بفتحِ الحاءِ ويجوزُ كسرُها، والمرادُ بالإقبالِ ابتداءُ دمِ الحيضِ (فَدَعِي الصَّلَاةَ) يتضمنُ نهيَ الحائضِ عن الصَّلاةِ، وتحريمَ ذلكَ عليها وفسادَ صلاتِها، وهُوَ إجماعٌ، (وَإِذَا أَدْبَرَتْ) هوَ ابتداءُ انقطاعِهَا (فاغْسِلي عَنْكِ الدَّمَ) أي: واغتسلي، وهوَ مستفادٌ من أدلةٍ أخْرَى (ثمَّ صلي. متفقٌ عليه).

الحديثُ دليلٌ على وقوعِ الاستحاضةِ، وعلى أن لها حكمًا يخالفُ حكمَ الحيضِ. وقد بيَّنهُ - صلى الله عليه وسلم - أكملَ بيانٍ، فإنَّهُ أفتاهَا بأنَّها لا تدعُ الصلاةَ معَ جريانِ الدمِ، وبأنَّها تنتظرُ وقتَ إقبالِ حيضتِها فتتركُ الصلاةَ فيها، وَإِذَا أَدْبَرَتْ غسلتِ الدمَ واغتسلتْ، كما وردَ في بعضِ طرقِ البخاريِّ (١): "وَاغْتَسلِي"، وفي بعضهِا كروايةِ المصنفِ هنَا الاقتصارُ على غسلِ الدمِ.

والحاصلُ أنهُ قد ذكرَ الأمرَ أن في الأحاديثِ الصحيحةِ غسلُ الدمِ والاغتسالُ، وإنَّما بعضُ الرواةِ اقتصرَ على أحدِ الأمرينِ، والآخرُ على الآخرِ. ثمَّ أمرَهَا بالصلاةِ بعدَ ذلكَ. نعمْ إنَّما بقي الكلامُ في معرفتِها لإقبال [الحيضة وإدبارها] (٢) معَ استمرارِ الدمِ بماذَا يكونُ، فإنهُ قدْ أعلمَ الشارعُ المستحاضةَ بأحكامِ إقبالِ الحيضةِ وإدبارِها، فدلَّ على أنها تميزُ ذلكَ بعلامةٍ.

[بماذا يميز دم الحيض من الاستحاضة؟]

وللعلماءِ في ذلكَ قولانِ:

(أحدُهما): أنَّها تميزُ ذلكَ بالرجوعِ إلى عادتِها، فإقبالُها وجودُ الدمِ في أولِ أيامِ العادةِ، وإدبارُها انقضاءُ أيامِ العادةِ، وورودُ الردِّ إلى أيام العادةِ في حديثِ فاطمةَ في بعضِ الرواياتِ (٣) بلفظِ: "دعي الصلاةَ قَدْرَ الأيام التي كنتِ تحيضينَ فيهَا". وسيأتي في بابِ الحيضِ تحقيقُ الكلامِ على ذلك.

(الثاني): ترجعُ إلى صفةِ الدم، كما يأتي في حديثِ عائشةَ في قصةِ فاطمةَ بنتِ أبي حُبَيْشٍ هذهِ، بلفظِ: "إنَّ دمَ الحَيْضِ [دم] (٤) أَسْوَدُ يُعْرَفُ، فَإِذَا كانَ ذلكَ


(١) في "صحيحه" (١/ ٤٢٥ رقم ٣٢٥).
(٢) في النسخة (ب): "الحيض".
(٣) في "صحيح البخاري" (١/ ٤٢٥ رقم ٣٢٥)، وقد تقدم تخريج الحديث رقم (٢/ ٦٢).
(٤) زيادة من النسخة (أ).