للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحولَيْنِ فإنَّها قالتْ سهلةُ لرسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: كيفَ أرضعُهُ وهوَ رجلٌ كبيرٌ؟ [قال] (١): هذَا السؤالَ منْها استنكارٌ لرضاعِ الكبير دالٌّ على أن التحليلَ بعدَ اعتقادِ التحريمِ.

قلتُ: لا يخْفَى أن الرضاعةَ لغةً إنَّما تصدقُ على مَنْ كانَ في سنِّ الصغرِ، وعلى اللغةِ وردتْ آيةُ الحولَيْنِ وحديثُ: "إنَّما الرضاعةُ منَ المجاعةِ" (٢)، والقولُ بأنَّ الآيةَ لبيانِ الرضاعةِ الموجبةِ للنفقةِ لا ينافي أيضًا أنَّها لبيانِ زمانِ الرضاعةِ، بلْ جعلَه الله تعالَى زمانَ مَنْ أرادَ تمامَ الرضاعةِ وليسَ بعدَ التمامِ ما يدخلُ في حكمِ ما حكمَ الشارعُ بأنهُ قدْ تمَّ، والأحسنُ في الجمعِ بينَ حديثِ سهلةَ وما عارضَهُ كلامُ ابن تيميةَ (٣) فإنهُ قالَ: [إنهُ] (٤) يُعْتَبَرُ الصِّغَرُ في الرضاعةِ إلَّا إذا دعتْ إليهِ الحاجةُ كرضاعِ الكبيرِ الذي لا يُسْتَغْنَى عنْ دخولِهِ على المرأةِ ويشق احتجابُها عنهُ كحالِ سالمٍ معَ امرأةِ أبي حذيفَة، فَمِثْلُ هذا الكبير إذا أرضعتْه للحاجةِ أثَّرَ رضاعِه، وأما مَنْ عَدَاهُ فلا بدَّ منَ الصِّغَرِ، انتَهى. فإنهُ جَمْعٌ حسن بينَ الأحاديثِ، وإعمالٌ لها منْ غيرِ مخالفةٍ لظاهرِها باختصاصٍ ولا نسخٍ ولا إلغاءٍ لما اعتبرتْه اللغةُ ودلَّتْ لهُ الأحاديثُ.

[ثبوت حكم الرضاع في حق زوج المرضعة]

٤/ ١٠٦١ - وَعَنْهَا أن أفْلَحَ - أَخَا أَبي الْقُعَيْسِ - جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْحِجَابِ. قَالَتْ: فَأَبَيْتُ أنْ آذَنَ لَهُ، فَلَما جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أخْبَرْتُهُ بالَّذِي صَنَعْتُهُ، فَأَمَرَنِي أنْ آذَنَ [لَهُ] (٤) عَلَيّ وَقَالَ: "إنَّهُ عَمُّكِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٥). [صحيح]


(١) في (ب): "فإن".
(٢) وهو حديث متفق عليه تقدم تخريجه رقم (٢/ ١٠٥٩) من كتابنا هذا.
(٣) انظر: "مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية" (٣٤/ ٦٠).
(٤) زيادة من (ب).
(٥) البخاري رقم (٥١٠٣)، ومسلم رقم (١١٤٥).
قلت: وأخرجه الحميدي رقم (٢٢٩)، والشافعي في "ترتيب المسند" (٢/ ٢٤)، وأحمد في "المسند" (٦/ ٣٣ و ٣٦، ٣٧، ٣٨، و ١٧٧، و ٢٧١)، والنسائي (٦/ ١٠٣)، وابن ماجه رقم (١٩٤٨)، والدارقطني (٤/ ١٧٧، ١٧٨، و ١٧٨)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٤٥٢)، وفي "معرفة السنن والآثار" (١١/ ١٥٤١٠) من طرق عن الزهري، عن عروة، به.