للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وعنْها) أيْ عنْ عائشةَ (أن أفْلَحَ) بفتحِ الهمزةِ ففاءٍ آخرُه حاءَ مهملةٌ، مولَى رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -[وقيلَ مولَىً لأمِّ سلمةُ] (١) (أخا أبي القُعَيْسِ) بقافٍ مضمومةٍ وعينٍ وسينٍ مهملتينِ بينَهما مثناةٌ تحتيةٌ (جاءَ يستأذنُ عَلَيْهَا بعدَ الحجابِ قالتْ: فأبيتُ أنْ آذنَ له، فلمَّا جاءَ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أخبرتُه بالذي صنعته، فأمرني أنْ آذنَ لهُ عليَّ وقالَ: إنهُ عمَّكِ. متفقٌ عليهِ). اسمُ أبي القعيسِ وائلُ بنُ أفلحَ الأشعريِّ، وقيلَ: اسمُه الجعدُ، فَعَلَى الأولِ يكونُ أخوهُ وافقَ اسمُه اسمَ أبِيهِ، قالَ ابنُ عبدِ البرِّ: لا أعلمُ لأبي القعيس ذِكْرًا إلا في هذَا الحديثِ (٢).

والحديثُ دليلٌ على ثبوتِ حُكْمِ الرضاعِ في حقِّ زوجِ المرضعةِ وأقاربِهِ كالمرضعةِ، وذلكَ لأنَّ سببَ اللبنِ هوَ ماءُ الرجلِ والمرأةِ مَعًا فوجبَ أنْ يكونَ الرضاعُ منْهما كالجدِّ لما كانَ سببُ ولدِ الولدِ أوجبَ تحريمَ ولدِ الولدِ بهِ لتعلُّقِهِ [به] (٣)، ولذلكَ قالَ ابنُ عباسٍ في هذا الحكمِ: اللقاحُ واحدٌ. أخرجَهُ عنهُ ابنُ أبي شيبةَ (٤)، [قال] (٥): الوطْءُ يدرُّ اللبنَ فللرجلِ منهُ نصيبٌ، وإلى هذَا ذهبَ الجمهورُ منَ الصحابةِ والتابعينَ وأهلُ المذاهبِ. والحديثُ واضحٌ لما ذهبُوا إليهِ، وفي روايةٍ أبي داودَ (٦) زيادةُ تصريحٍ حيثُ قالتْ: دخلَ عليَّ أفلحُ فاستترتُ منهُ فقالَ: أتستترينَ منِّي وأنا عمُّكِ؟ قلتُ: منْ أينَ؟ قالَ: أرضعَتْكِ امرأةُ أخي، قلتُ: إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجلُ، الحديثَ. وخالفَ في ذلكَ ابنُ عمرَ وابنُ الزبيرِ ورافعُ بنُ خُدَيْجٍ وعائشةُ وجماعةٌ منَ التابعينَ وابنُ المنذرِ وداودُ وأتباعُه فقالُوا: لا يثبتُ حكمُ الرضاعِ للرجلِ؛ لأنَّ الرضاعَ إنَّما هوَ للمرأةِ التي اللبنُ منْها، قالُوا: ويدلُّ عليهِ قولُه تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} (٧) وأُجيبَ بأنَّ الآيةَ ليسَ فيها ما يعارضُ الحديثَ فإنَّ ذِكْرَ الأمهاتِ لا يدلّ على أنَّ [من] (٨) عداهنَّ ليسَ كذلكَ، ثمَّ إنْ دلَّ بمفهومِه فهوَ مفهومُ


(١) زيادة من (ب).
(٢) انظر: "التمهيد" (٨/ ٢٣٥ - ٢٤٨).
(٣) في (ب): "بولده".
(٤) أخرجه مالك (٢/ ٦٠٢ - ٦٠٣)، والترمذي رقم (١١٤٩)، وإسناده صحيح.
(٥) في (ب): "فإن".
(٦) في "السنن" رقم (٢٠٥٧)، وهو حديث صحيح.
(٧) سورة النساء: الآية ٢٣.
(٨) في (ب): "ما".