للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الخيراتِ، وهوَ اسمٌ جامعٌ للخيراتِ كلِّها، ويطلقُ على العملِ الصالح الخالصِ. وقالَ ابنُ بطالٍ: قولُهُ: "وإنَّ البِرَّ" إلى آخرِه مصداقُه قولُه تعالَى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣)} (١). وقالَ: قولُهُ: "وما يزالُ الرجلُ يصدقُ" إلى آخرِه المرادُ يتكررُ منهُ الصدقُ حتَّى يستحقَّ اسمَ المبالغةِ، وهوَ الصِدِّيقُ. وأصلُ الفجورِ الشقُّ، فهوَ شقُّ الديانةِ، وَيُطْلَقُ على الميلِ إلى الفسادِ، وعلَى الانبعاثِ في المعاصي، وهوَ اسمٌ جامعٌ للشرِّ. وقولُه: "وما يزالُ الرجلُ يكذبُ" هوَ كما مرَّ في قولهِ: "وما يزالُ الرجلُ يصدقُ" في أنهُ إذا تكررَ منهُ الكذبُ استحقَّ اسمَ المبالغةِ وهوَ الكذَّابُ، وفي الحديثِ إشارةٌ إلى أن مَنْ تحرَّى الصدقَ في أقوالِه صارَ سجيةً له، ومَنْ تَعمَّدَ الكذبَ وتحرّاهُ صارَ لهُ سجيةً، وأنهُ بالتدرُّبِ والاكتسابِ [تثبت] (٢) صفاتُ الخيرِ والشرِّ. والحديثُ دليلٌ على عظمةِ شأنِ الصدقِ، وأنهُ ينتهي بصاحبِه إلى الجنة، ودليلٌ على عظمةِ قُبْحِ الكذب، وأنهُ ينتَهي بصاحبِه إلى النارِ، وذلكَ مِن غيرِ [ما لصاحبِهمَا في] (٣) الدنيا، فإنَّ الصدوقَ مقبولُ الحديثِ عندَ الناسِ، [مرغوب إليه] (٤)، مقبولُ الشهادةِ عندَ الحكَّامِ، محبوبٌ مرغوبٌ في أحاديثِه، والكذوبَ بخلافِ هذا كلِّه.

[النهي عن الظن]

٢/ ١٤٣٥ - وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أن رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإنَّ الظَّنَّ أَكذَبُ الْحَدِيثِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٥). [صحيح]

(وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أنّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ) [بالنصب محذَّرٌ منهُ] (٦)، (فإنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). تقدم بيانُ معناهُ، وأنهُ تحذيرٌ منْ أنْ يحققَ ما ظنَّهُ. وأما نفسُ الظنِّ [فقدْ] (٧) يهجمُ على القلبِ فيجبُ دفعُه والإعراضُ عن العملِ [به] (٨).


(١) سورة الانفطار: الآية ١٣.
(٢) في (ب): "تستمر".
(٣) في (أ): "مع ما يصاحبهما".
(٤) زيادة من (أ).
(٥) أخرجه البخاري رقم (٦٠٦٤)، ومسلم رقم (٢٥٦٣)، وأبو داود رقم (٤٩١٧)، والترمذي رقم (١٩٨٨)، ومالك في "الموطأ" (٢/ ٩٠٨).
(٦) زيادة من (ب).
(٧) في (أ): "فهو".
(٨) في (ب): "عليه".