للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يدركُ صيدَه بعدَ ثلاثٍ أنهُ قالَ - صلى الله عليه وسلم -: "كلْ ما لمْ يُنْتِنْ" (١)، ورَوَى مسلمٌ أيضًا منْ حديثِه أنهُ قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رمَيْتَ بسهْمكَ فغابَ عنكَ مصرعُه فكلْ ما لم يبتْ" (٢)، ولاختلافِها اختلفَ العلماءُ. فقالَ مالكٌ: إذا غابَ مصرعُه ثمَّ [وجدت] (٣) بهِ أثرًا منَ الكلبِ فإنهُ [يأكل] (٤) ما لمْ يبتْ فإذا باتَ كُرِهَ، وفيهِ أقوالٌ أُخَرُ، والتعليلُ بما لم يُنْتِنْ وما لم يبِتْ هوَ النصُّ ويحملُ ذكرُ الأوقاتِ على التقييد بهِ وتركِ الأكلِ للاحتياطِ وترجيحِ جنبةِ الحظْرِ.

وقولُه (٥): (وانْ وجدتَه غريقًا فلا تأكلْ)، ظاهرُه وإنْ [وجدت] (٣) بهِ أثرَ السهمِ لأنهُ يجوزُ أنهُ ماتَ بالغرق لا بالسهم.

[الصيد لغير الكلاب]

المسألة الرابعة: الحديثُ نصٌّ في صيدِ الكلبِ، واختُلِفَ فيما يعلَّمُ مِنْ غيرهِ كالفهدِ والنمرِ، ومنَ الطيورِ كالبازي والشاهينِ وغيرِهما، فذهبَ مالكٌ وأصحابُه إلى أنهُ يحلُّ صيدُ كلِّ ما قَبِلَ التعليمَ حتَّى السِّنَّوْرِ. وقال جماعة منهم مجاهدٌ: لا يحلُّ إلَّا صيدُ الكلب، وأما ما صادَه غيرُ الكلبِ فيُشْتَرَطُ إدراكُ ذكاتِه، وقولُه تعالَى: {مِنَ الجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} (٦) دليل للثاني بناءً على أنهُ مشتق منَ الكلب بسكونِ اللامِ، فلا [يشملُ] (٧) غيرَه منَ الجوارحِ، ولكنُه يحتملُ أنهُ مشتقٌّ منَ الكَلَبِ بفتحِ اللامِ وهوَ مصدرٌ بمعنَى التكليبِ وهوَ التضريةُ، فيشملُ الجوارحَ كلَّها. والمرادُ بالجوارحِ الكواسبُ علَى أهلِها وهوَ عامٌّ.


(١) ما لمْ يُنتنِ: بضم المثناة التحتية، وكسر المثناة الفوقية من أنتن. وضم المثناة الفوقية من نتُن بضم المثناة الفوقية.
(٢) لا يوجد هذا الحديث في صحيح مسلم، ولا في باقي الكتب الستة. وبعد البحث تبين أنه من كلام الإمام مالك: رحمه الله في "الموطأ" (٢/ ٤٩٢) ط البابي الحلبي. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي: "لا بأس بأكل الصيد وإن غاب عنك مصرعه. وإذا وجدت به أثرًا من كلبك أو كان به سهمك، ما لم يبت، فإذا بات فإنه يكره أكله". من حاشية المطبوع.
(٣) في (ب): "وجد".
(٤) في (ب): "يأكله".
(٥) أخرجه مسلم (٦/ ١٩٢٩). وهو حديث الباب.
(٦) سورة المائدة: الآية ٤.
(٧) في (أ): "يشتمل".