للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فعلَه الخلفاءُ بعدَه تأسيًا بهِ - صلى الله عليه وسلم -. وذهبَ ابنُ عباسٍ إلى أنهُ ليسَ منَ المناسكِ المستحبَّة، [وإلى مثله] (١) ذهبتْ عائشة كما دلَّ لهُ الحديثُ:

٣٦/ ٧٣٠ - وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - أنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُ ذلِكَ - أي النُّزُولَ بِالأَبْطَحِ - وَتَقُولُ: إِنَّمَا نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَنَّهُ كَانَ مَنْزِلًا أَسْمَحَ لخُرُوجِهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٢). [صحيح].

وهوَ قولُه: (وعنْ عائشةَ - رضي الله عنها - أنَّها لم تكنْ تفعلُ ذلكَ أي النزولَ بالأبطحِ وتقولُ: إنَّما نزلهُ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأنهُ كانَ منزلًا أسمحَ لخروجهِ. رواهُ مسلمٌ)، أي: أسهلُ لخروجهِ منْ مكة راجعًا إلى المدينةِ. قيلَ: والحكمةُ في نزولهِ فيهِ إظهارُ نعمةِ اللَّهِ [عليه] (٣) باعتزازِ دينهِ، وإظهارِ كلمتِه، وظهورهِ على الدينِ كلِّه؛ فإنَّ هذَا المحلَّ هوَ الذي تقاسمتْ فيهِ قريشٌ على قطيعةِ بني هاشم، وكتبُوا صحيفةَ القطيعةِ في القصةِ المعروفةِ. وإذا كانتِ الحكمةُ هيَ هذهِ فهيَ نعمةٌ على الأمةِ أجمعينَ فينبغي نزولُه لمنْ حجَّ منَ الأمةِ إلى يومِ الدينِ.

[الأمر بطواف الوداع]

٣٧/ ٧٣١ - وَعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ، إلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الْحَائِض. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٤). [صحيح]

(وعنِ ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - قالَ: أُمِرَ) بضمِّ الهمزةِ (الناسُ) نائبُ الفاعلِ، (أن يكونَ آخرُ عهدِهم بالبيتِ إلَّا أنهُ خفِّفَ عن الحائضِ. متفقٌ عليهِ). الآمرُ للناسِ هوَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وكذلكَ المخففُ عن الحائضِ، وغيَّر الراوي الصيغةَ للعلمِ بالفاعلِ. وقدْ أخرجَه مسلمٌ (٥) وأحمدُ (٦) عن ابن عباسٍ بلفظِ: "كانَ الناسُ ينصرفونَ منْ كلِّ وجْهةٍ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: لا ينصرفُ أَحدٌ حتَّى يكونَ آخرُ عهدِه بالبيتِ"، وهوَ


(١) في النسخة (أ): "وإليه".
(٢) في "صحيحه" (٣٤٠/ ١٣١١).
(٣) زيادة من النسخة (أ).
(٤) البخاري (١٧٥٥)، ومسلم (١٣٢٨).
(٥) في "صحيحه" (٣٧٩/ ١٣٢٧).
(٦) في "المسند" (١٢/ ٢٣٣ رقم ٤٣٩ - الفتح الرباني).
قلت: وأخرجه أبو داود (٢٠٠٢)، وابن ماجه (٣٠٧٠)، والدارمي (٢/ ٧٢).