للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الهادويةُ (١) بالطفلِ، وهوَ خلافُ ظاهرِ الحديثِ. وفرَّقَ بعضُ العلماءِ فقالَ: يحلُّ الرجوعُ في الهبةِ دون الصدقةِ لأنَّ الصدقةَ يُرَادُ بها ثوابُ الآخرةِ، وهوَ فرقٌ غيرُ مؤثرٍ في الحكمِ، وحكمُ الأمِّ حكمُ الأبِ عندَ أكثرِ العلماءِ.

نعمْ وخصَّ الهادي ما وَهَبَتْهُ الزوْجَةُ لزوجِهَا منْ صَدَاقِها بأنهُ ليسَ لها الرجوعُ في ذلكَ، ومثلُه رواهُ البخاريُّ (٢) عن النخعيِّ، وعمرَ بن عبدِ العزيزِ تعليقًا.

وقالَ الزُّهْرِيُّ: يُرَدُّ إليها إنْ كانَ خَدَعَها. وأخرجَ عبدُ الرزاقِ (٣) عن عمر بسندِ منقطع: "إنَّ النساءَ يعطينَ رغبةً ورهبة، فأيُّما امرأةٍ أعطتْ زوجَها فشاءتْ أنْ ترجعَ رجعتْ".

[الهدية والثواب عليها]

٤/ ٨٧٩ - وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ، وَيُثِيبُ عَلَيْهَا. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (٤). [صحيح]

(وعنْ عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: كانَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقبلُ الهديةَ ويثيبُ عَلَيْها. رواهُ البخاريُّ). فيهِ دلالةٌ على أنَّ عادتَهُ - صلى الله عليه وسلم - كانتْ جارية بقبولِ الهديةِ والمكافأةِ عليها، وفي رواية لابنِ أبي شيبةَ (٥): "ويثيبُ عليها ما هوَ خيرٌ منْها". وقدِ استُدِلَّ بهِ على وجوبِ الإثابةِ على الهدية؛ إذْ كونُه عادةً لهُ - صلى الله عليه وسلم - مستمرة يقتضي لزومَهُ، ولا يتمُّ الاستدلالُ على الوجوبِ؛ لأنهُ قدْ يقالُ إنَّما فَعَلَهُ - صلى الله عليه وسلم - مستمرًا لما جُبِلَ عليهِ منْ مكارِمِ الأخلاقِ لا لوجوبِه. وقدْ ذهبتِ الهادويةُ (٦) إلى وجوب المكافأةِ بحسبِ العُرْفِ. قالُوا: لأنَّ الأصْلَ في الأعيانِ الأعواضُ. قالَ في "البحر" (٦): ويجبُ تعويضُها حسبَ العُرْفِ.

وقالَ الإمام يحيى (٦): المِثْلِي مثلُه، والقِيْمِي قيمتُه، ويجبُ الإيصاءُ بها.


(١) انظر: "البحر الزخار" (٤/ ١٣٩).
(٢) في ترجمة باب من "صحيحه" (٥/ ٢١٦ باب رقم ١٤).
(٣) في "المصنف" (٩/ ١١٥ رقم ١٦٥٦٢) وحكم عليه الحافظ بالانقطاع في "الفتح" (٥/ ٢١٧).
(٤) في "صحيحه" (٥/ ٢١٠ رقم ٢٥٨٥).
قلت: وأخرجه أبو داود (٣٥٣٦)، والترمذي (١٩٥٣)، وأحمد (٦/ ٩٠)، والبيهقي (١٠/ ١٨٠).
(٥) في "المصنف" (٦/ ٥٥١ رقم ٢٠١٣) من مرسل هشام بن عروة.
(٦) انظر: "البحر الزخار" (٤/ ١٣٥، ١٣٦).