للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قالَ الطحاويُّ (١): قولُه العائدِ في قَيْئِهِ وإنِ اقْتَضَى التحريمَ لكنَّ الزيادةَ في الروايةِ الأُخْرَى، وهيَ قولُهُ: كَالْكَلْبِ، تدلُّ على عدمِ التحريمِ؛ لأنَّ الكَلْبَ غيرُ متعبَّدٍ، فالقيءُ ليسَ حرامًا عليهِ، والمرادُ التنزهُ عنْ فعل يُشْبِهُ فعلَ الكلبِ. وتُعُقِّبَ باستبعادِ التأويلِ، ومنافرةِ سياقِ [النص] (٢) لهُ، وعرَّفَ الشرعُ في مثلِ هذهِ العبارةِ الزَّجْرَ الشدِيدَ كما وَرَدَ النَّهْيُ (٣) في الصلاةِ عنْ إقعاءِ الكلبِ، ونقرة الغُرابِ، والتفاتِ الثعلبِ، ونحوِه. ولا يُفْهَمُ منَ المقامِ إلَّا التحريمُ. والتأويلُ البعيدُ لا يُلْتَفَتُ إليهِ، ويدلُّ للتحريم الحديثُ الآتي وهوَ:

٣/ ٨٧٨ - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَا: "لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ مُسْلِم أَنْ يُعْطِيَ الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعَ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدُ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ"، رَوَاهُ أَحْمَدُ (٤)، وَالأَرْبَعَةُ (٥)، وَصحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبّانَ (٦)، وَالْحَاكِمُ (٧). [صحيح]

(وعنِ ابن عمرَ وابنِ عباسٍ رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: لا يحلُّ لرجلٍ مسلمٍ أنْ يُعطيَ العطيةَ ثمَّ يرجعَ فيها، إلَّا الوالدُ فيما يعطي ولدَهُ. رواهُ أحمدُ، والأربعةُ، وصحَّحَهُ الترمذيُّ، وابنُ حِبَّانَ، والحاكمُ). فإنَّ قولَه: لا يحلُّ، الظاهرُ في التحريمِ، والقولُ بأنهُ مجازٌ عن الكراهةِ الشديدةِ صَرْفٌ لهُ عنْ ظاهرِهِ. وقولُه: إلَّا الوالدُ، دليلٌ على أنهُ يجوزُ للأبِ الرجوعُ فيما وَهَبَهُ لابنِهِ كبيرًا كانَ أو صغيرًا، وخصَّته


(١) انظر: "شرح معاني الآثار" (٤/ ٧٧، ٧٨).
(٢) في (ب): "الحديث".
(٣) أخرجه أحمد (٢/ ٣١١)، والبيهقي (٢/ ١٢٠) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا وإسناده حسن حسَّنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (١/ ٢٢٢ رقم ٥٥٦).
(٤) في "المسند" (٢/ ٢٧، ٧٨).
(٥) أبو داود (٣٥٣٩)، والترمذي (٢١٣٢) وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي (٣٧٠٣)، وابن ماجه (٢٣٧٧).
(٦) في "صحيحه" (٧/ ٢٨٩ رقم ٥١٠١).
(٧) في "المستدرك" (٢/ ٤٦).
قلت: وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٤/ ٧٩)، والدارقطني (٣/ ٤٢ - ٤٣ رقم ١٧٧)، والبيهقي (٦/ ١٨٠) وهو حديث صحيح، صحَّحه الألباني في "صحيح أبي داود" (٢/ ٦٧٦ رقم ٣٠٢٣).