للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولا يقالُ هذا خاصٌ بالنساءِ لأنَّ الرجالَ والنساءَ في الطيب سواءٌ بالإجماعِ؛ فالطيبُ يحرمُ بعدَ الإحرامِ لا قبلَه وإن دامَ حالُه فإنهُ كالنكاحِ لأنهُ منْ دواعِيهِ، والنكاحُ إنَّما يمنعُ المحرِم منِ ابتدائِه لا منِ استدامتهِ فكذلك الطيبُ، ولأنَّ الطيبَ منَ النظافةِ منْ حيثُ إنهُ يقصدُ بهِ دفعُ الرائحةِ الكريهةِ كما يقصدُ بالنظافةِ إزالةَ ما يجمعُه الشعرُ والظفرُ منَ الوسخِ، ولذَا استُحِبَّ أنْ يأخذَ قبلَ الإحرامِ منْ شعرِه وأظفارِه لكونِه ممنوعًا منهُ بعدَ الإحرامِ وإنْ بقيَ أثرُه بعدَه.

وأما حديثُ مسلمٍ (١) في الرجلِ الذي جاء يسألُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كيفَ يصنعُ في عمرتِه، وكانَ الرجلُ قدْ أحرمَ وهوَ متضمِّخٌ بالطيبِ "فقالَ: يا رسولَ اللهِ ما تَرَى في رجلٍ أحرمَ بعمرةٍ في جبةٍ بعدَما تضمَّخَ بطيب؟ فقالَ - صلى الله عليه وسلم -: "أما الطيبُ الذي بكَ فاغسلْه ثلاثَ مراتٍ" الحديث. فقدْ أُجِيبَ عنهُ بأنَّ هذَا السؤالَ والجوابَ كانا بالجعرَّانةِ في ذي القعدةِ سنةَ ثمانٍ، وقدْ حجَّ - صلى الله عليه وسلم - سنةَ عشرٍ، واستدامَ الطيبُ، وإنَّما يؤخذُ بالآخرِ [فالآخر] (٢) منْ أمرِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لأنه يكونُ ناسخًا للأول.

وقولُها: "لحلِّه قبلَ أن يطوفَ بالبيتِ"، المرادُ بحلِّه الإحلالُ الذي يحلُّ بهِ كلُّ محظورٍ وهوَ طوافُ الزيارةِ، وقدْ كانَ حلُّ بعضِ الإحلالِ وهوَ بالرمي الذي يحلُّ بهِ الطيبُ وغيرُه ولا يمنعُ بعدَه إلا منْ النساءِ. وظاهرُ هذا أنهُ قدْ كانَ فعلَ الحلقَ والرميَ وبقيَ الطوافُ.

[تحريم العقد على المحرم لنفسه ولغيره، وتحريم الخطبة]

٦/ ٦٨٦ - وعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رضي الله عنه - أن رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، وَلَا يُنْكِحُ، وَلَا يَخْطُبُ"، رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٣). [صحيح]


(١) في "صحيحه" (٨/ ١١٨٠).
قلت: وأخرجه البخاري (٤٩٨٥)، وأبو داود (١٨١٩)، والترمذي (٨٣٦)، والنسائي (٥/ ١٤٢، ١٤٣)، والبيهقي (٥/ ٥٦).
(٢) زيادة من النسخة (ب).
(٣) في "صحيحه" (٤١/ ١٤٠٩).
قلت: وأخرجه مالك (١/ ٣٤٨ رقم ٧٠)، والشافعي في "ترتيب المسند" (١/ ٣١٦ رقم ٨٢١)، وأحمد (١/ ٦٩)، والدارمي (٢/ ١٤١)، والطيالسي (١/ ٢١٣ رقم ١٠٣٠ - منحة =