للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في مسندِه (١) عنْ حكيمِ بن حزامٍ قالَ: يا رسولَ اللَّهِ ما اليدُ العليا؟ فذكرهُ.

وفي الحديث دليلٌ على البداءةِ بنفسهِ وعيالهِ؛ [لأنه] (٢) الأهمُّ [فالأهم] (٣)، وفيه أنَّ أفضلَ الصدقةِ ما بقيَ بعدَ إخراجِها صاحبُها مستغنيًا؛ إذْ معنَى أفضلُ الصدقةِ ما أبقى المتصدقُ منْ مالهِ ما يستظهرُ بهِ على حوائجهِ ومصالحهِ؛ لأنَّ المتصدقَ بجميعِ مالهِ يندمُ غالبًا، ويحبُّ إذا احتاجَ أنهُ لم يتصدقْ، ولفظُ الظهرِ كما قالَ الخطابي: [أنه] (٤) يوردُ في مثلِ هذَا اتساعًا في الكلامِ، وقيلَ غير ذلكَ. واختلفَ العلماءُ في صدقةِ الرجلِ بجميعِ مالهِ، فقالَ القاضي عياضٌ (٥) - رحمه الله -: إنهُ جوَّزهُ العلماءُ وأئمةُ الأمصارِ، قال الطبرانيُّ (٦): ومعَ جوازهِ فالمستحب أنْ لا يفعلَه، وأنْ يقتصرَ على الثُّلُثِ. والأَوْلى أنْ يقالَ: مَنْ تصدَّقَ بمالهِ كلِّه، وكانَ صبورًا على الفاقةِ، ولا عيالَ لهُ أو لهَ عيالٌ يصبرونَ فلا كلامَ في حسْنِ ذلكَ. ويدلُّ له قولُه تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} (٧) الآيةَ، {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} (٨)، ومنْ لمْ يكنْ بهذهِ المثابةِ كُرِهَ لهُ ذلكَ.

وقولُه: (ومنْ يستعففْ) أي: عن المسألةِ يعينه اللَّهُ على العفةِ، (ومَنْ يستغنِ) بما عندَهُ ولو قلَّ (يغنهِ اللَّهُ) بإلْقَاءِ القناعةِ في قلبهِ والقُنوعِ بما عندَهُ.

[أفضل الصدقة جهد المقل]

٥/ ٥٩٥ - وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "جُهْدُ الْمُقِلِّ، وَابْدَأَ بِمَنْ تَعْولُ". أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ (٩)، وَأَبُو دَاوُدَ (١٠)، وَصَحّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ (١١) وَالْحَاكِمُ (١٢). [صحيح]


(١) عزاه إليه ابن حجر في "الفتح" (٣/ ٢٩٨).
(٢) في (ب): "لأنهم".
(٣) زيادة من (أ).
(٤) زيادة من (أ).
(٥) ذكره النووي في "شرح صحيح مسلم" (٧/ ١٢٥).
(٦) في "شرح مسلم" (٧/ ١٢٥): (الطبري) وليس الطبراني.
(٧) سورة الحشر: الآية ٩.
(٨) سورة الإنسان: الآية ٨.
(٩) في "المسند" (٢/ ٣٥٨).
(١٠) في "السنن" (١٦٧٧).
(١١) في "الإحسان" (٨/ ١٣٤ رقم ٣٣٤٦).
(١٢) في "المستدرك" (١/ ٤١٤)، وصحَّحه على شرط مسلم ووافقه الذهبي، مع أن يحيى بن =