للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صاحِبُكَ، وفي روايةٍ: اليمينُ على نيةِ المستحلِفِ. أخرجَهما مسلمٌ). دلَّ الحديث على أن اليمينَ تكونُ على نيةِ المحلِّفِ، ولا تنفعُ نيةُ الحالِفِ إذا نَوَى بها غيرَ ما أظهرهُ. وظاهرُه الإطلاقُ سواءً كانَ المحلِّفُ لهُ الحاكمَ أو المدَّعي للحقِّ، والمرادُ حيثُ كانَ المحلفُ له التحليفُ كما يشيرُ إليه قولُه: "على ما يصدِّقكَ بهِ صاحبُكَ"؛ فإنهُ يفيدُ أن ذلكَ حيثُ كانَ للمحلِّفِ التحليفُ وهوَ حيثُ كانَ صادِقًا فيما [ادَّعاهُ] (١) على الحالِفِ، وأما لو كانَ غيرَ ذلكَ كانتِ النيةُ نيةَ الحالِفِ. واعتبرتِ الشافعيةُ أنْ يكونَ المحلِّفُ الحاكمَ وإلا كانتِ النيةُ نيةَ الحالِفِ.

قالَ النوويُّ (٢): وأما إذا حلفَ بغيرِ استحلافٍ، وورَّى فتنفعُه ولا يحنثُ، سواءٌ حلفَ ابتداءً منْ غيرِ تحليفٍ أوْ حلَّفه غيرُ القاضي، أو غيرُ نائبهِ، ولا اعتبارَ في ذلكَ نية المحلِّفِ [بكسرِ اللام غيرُ القاضي] (٣). والحاصلُ أن اليمينَ علَى نيةِ الحالِفِ في جميعِ الأحوالِ إلَّا إذا استحلفَهُ القاضي أو نائبُه في دعْوى [توجَّهتْ] (٤) عليهِ، فتكونُ [اليمينُ على] (٥) نيةِ المستحلِفِ، وهوَ مرادُ الحديثِ. أما إذا حلفَ بغيرِ استحلافِ القاضي أو نائبِه في دعْوى توجَّهتْ عليهِ فتكونُ اليمينُ على نيةِ الحالفِ، وسواءٌ في هذا كلِّهِ اليمينُ باللهِ تعالَى، أوْ بالطلاقِ والعتاقِ، إلا أنهُ إذا حلَّفهُ القاضي بالطلاقِ والعتاقِ فتنفعُه التوريةُ، ويكونُ الاعتبارُ بنيةِ الحالِفِ لأنَّ القاضي ليسَ لهُ التحليفُ بالطلاقِ والعتاقِ، وإنما يستحلفُ باللهِ اهـ.

قلتُ: ولا أدري مِنْ أينَ جاءَ تقييدُ الحديثِ بالقاضي أو نائبه، بلْ ظاهرُ الحديثِ أنهُ إذا استحلفَه مَنْ لهُ الحقُّ فالنيةُ نيةُ المستحلِفِ [مُطْلقًا] (٦).

من حلف فرأى الحِنث خيرًا كفَّر عن يمينه

٤/ ١٢٨٣ - وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:


(١) في (أ): "دعواه".
(٢) في "شرح صحيح مسلم" (١١/ ١١٧).
(٣) زيادة من (ب).
(٤) في (أ): "توجه".
(٥) في (أ): "النية".
(٦) زيادة من (ب).