للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحاء المهملة، فذال معجمة، فمثناة تحتية ساكنة ففاء، هو أبو عبدِ اللَّهِ حُذَيْفَةُ (ابْنُ اليَمَانِ) بفتح المثناة التحتية، وتخفيف الميم آخره نون. وحُذيفةُ وأبوهُ صحابيانِ جليلانِ، شَهِدا أُحُدًا. وحُذيفةُ صاحبُ سِرّ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، روى عنه جماعةٌ من الصحابةِ والتابعينَ، وماتَ بالمدائنِ سنةَ خمسٍ أو ستٍّ وثلاثينَ بعدَ قتلِ عثمانَ بأربعينَ ليلةً.

(قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تَشْرَبُوا في آنِيَةِ الذَّهَبِ والفِضَةِ، وَلَا تَأْكلُوا في صِحَافِهِمَا) جَمْعُ صَحْفَةٍ، قال [الكشافُ و] (١) الكسائي (٢): الصَّحْفَةُ تُشْبعُ الخمسَةَ؛ (فَإنَّهَا) أيْ آنِيَةُ الذَّهَب والفضَّةِ وصِحَافُهُما (لهُمْ)، أي: للمشركينَ وإِنْ لم يُذْكَرُوا فهمْ معلومونَ (في الدُّنْيَا) إِخْبَارٌ عمَّا هُمْ عليه، لا إخبارٌ بحِلِّها لَهُمْ، (ولكُمْ فِي الآخِرَةِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) بَيْنَ الشيخينِ.

[أحكام فقهية من الحديث]

الحديثُ دليلٌ على تحريم الأكْلِ والشُّربِ في آنيةِ الذهَبِ والفِضَّةِ، وصِحَافِهِمَا، سواءٌ كان الإناءُ خالصًا ذهبًا، أو مخلوطًا بالفضةِ؛ إذ هو مما يشمَلُهُ أنه إِناءُ ذهبٍ وفِضَّةٍ، قالَ النوويُّ (٣): إنَّهُ انعقدَ الإجماعُ على تحريمِ الأكلِ والشربِ فيهما.

واختُلِفَ في العلةِ فقيلَ: للخُيلاء، وقيل: بل لكونه ذهبًا وفضةً. [واختلفوا في الإناء] (٤) المطليِّ بهما هل يُلْحَقُ بِهما في التحريم؟ فقيل: إنْ كانَ يمكنُ فصلُهُما حَرُمَ إجماعًا؛ لأنَّهُ مستعملٌ للذهبِ والفضَّةِ، وإِنْ كانَ لا يُمكنُ فصلُهُما لم يَحْرُم، [والأقرب أنه إذا أطلق عليه أنه إناء ذهب أو فضة، وسمِّي به، شمله لفظ الحديث، وإلا فلا، والعبرة بتسميته في عصر النبوة، فإن جُهِلَت فالأصل الحِلُّ، وأما الإناء المضبَّب بهما فإنه يجوز الأكل والشرب فيه إجماعًا، وهذا في الأكل والشرب فيما ذكر لا خلاف فيه (٥).


(١) زيادة من النسخة (ب).
(٢) انظر: "الصَّحاح" للجوهري (٤/ ١٣٨٤).
(٣) في "المجموع" (١/ ٢٤٩ - ٢٥٠).
(٤) في النسخة (ب): "واختلف في".
(٥) قلت: أخرج البخاري (١٠/ ٩٩ رقم ٥٦٣٨)، عن عاصم الأحول قال: "رأيتُ قدحَ النبي - صلى الله عليه وسلم - عند أنس بن مالك، وكان قد انصدع فَسَلْسَلَهُ بفضَّةٍ … ".