للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأخرجَ (١) حديثَ حذيفةَ. وفيه قصةٌ؛ فإنهُ ساقَ سندَه إلى حذيفةَ أنهُ قالَ لمنْ حضرَهُ: "إذا متُّ فلا [يؤذنُ أحدٌ] (٢)؛ فإني أخافُ أن يكون نعيًا؛ إني سمعتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ينْهى عن النعي"، هذا لفظه ولمْ يحسِّنْهُ. ثمَّ فسَّرَ الترمذيُّ النعيَ بأنهُ عندَهمْ أنْ ينادى في الناسِ إنَّ فلانًا ماتَ ليشهدُوا جنازتَهُ. وقالَ بعض أهلِ العلمِ: لا بأسَ أنْ يُعْلِمَ الرجلُ قرابتَهُ وإخوانَهُ.

وعنْ إبراهيمَ [النخعي] (٣) أنهُ قالَ: لا بأسَ أنْ يُعلمَ الرجلُ قرابتَه، انتهَى.

وقيلَ: المحرَّمُ ما كانتْ الجاهليةُ تفعلُه، كانُوا يرسلونَ مَنْ يُعلمُ بخبرِ موتِ الميتِ على أبوابِ الدورِ والأسواقِ.

وفي النهايةِ (٤): "والمشهورُ في العربِ أنَّهم كانُوا إذا ماتَ فيهمْ شريفٌ أو قُتِلَ بعثُوا راكبًا إلى القبائلِ ينعاهُ إليهمْ يقولُ نعاءَ فلانًا، أو يا نَعَاءَ العربِ: أي: هلكَ فلانٌ أوْ هلكتِ العربُ بموتِ فلانِ"، انتهَى.

ويقربُ عندي أنَّ هذا هوَ المنهيُّ عنهُ.

قلتُ: ومنهُ النعيُ منْ أعلى المناراتِ كما [يعرفُ] (٥) في هذهِ الأعصارِ في موتِ العظماءِ. قالَ ابنُ العربي (٦): يؤخذُ منْ مجموعِ الأحاديثِ ثلاثُ حالاتٍ:

الأُولى: إعلامُ الأهلِ والأصحابِ وأهلِ الصلاحِ، فهذهِ سنَّةٌ.

الثانيةُ: دعْوى الجمجِ الكثيرِ للمفاخرةِ، فهذهِ تكرهُ.

[الثالثةُ]: إعلامٌ بنوعٍ آخرَ كالنياحةِ ونحو ذلكَ، فهذَا يحرُمُ، انتهَى.

وكأنهُ أخذَ سنيَّةَ [الأُولى] (٧) منْ أنهُ لا بد منْ جماعةٍ يخاطبونَ بالغسلِ والصلاةِ والدفنِ، ويدلُّ لهُ قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "ألا آذنتموني ونحوُهُ"، ومنهُ:

[الصلاة على الغائب]

٢٥/ ٥٢٤ - وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نَعَى


(١) أي: الترمذي رقم (٩٨٦) كما تقدم.
(٢) في (أ): "توذن أحدًا".
(٣) زيادة من (ب).
(٤) لابن الأثير (٥/ ٨٦).
(٥) في (ب): "تعورف".
(٦) في "عارضة الأحوذي" (٤/ ٢٠٦).
(٧) في (ب): "الأول".