للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابن [عمرو] (١) بلفظِ: "البيِّعانِ بالخيارِ ما لم يتفرَّقَا إلَّا أنْ تكونَ صفقةَ خيارٍ، ولا يحلُّ لهُ أن يفارقَ صاحبَه خشيةَ أنْ يستقيلَه". قالُوا: فقولُه أنْ يستقيلَه دالٌّ على نفوذِ البيعِ، فقدْ أُجِيْبَ عنهُ بأنَّ الحديثَ دليلُ خيارِ المجلسِ أيضًا لقولهِ بالخيارِ ما لم يتفرَّقا، وأما قولُه أنْ يستقيلَه فالمرادُ بهِ الفسخُ لأنّهُ لو أريدَ الاستقالةَ حقيقةَ لم يكنْ للمفارقةِ معنى، فتعيَّنَ حملُها على الفسخِ، وعلى ذلكَ حملَه الترمذيُّ (٢) وغيرُه (٣) منَ العلماءِ. [قالوا] (٤): معناهُ لا يحلُّ له أنْ يفارقَه بعدَ البيعِ خشيةَ أنْ يختارَ فسخَ المبيعِ، فالمرادُ بالاستقالةِ فسخُ النادمِ، وحملُوا نفيَ الحِلِّ على الكراهةِ لأنهُ لا يليقُ بالمروءةِ وحسنِ معاشرةِ المسلمِ، لا أن اختيارَ الفسخِ حرامٌ. وأما ما رُوِيَ عن ابن عمرَ (٥) أنهُ كانَ إذا بايعَ رجلًا فأرادَ أنْ يتمَّ بيعتَه قامَ يمشي هنيهةً فرجعَ إليه فإنهُ محمولٌ على أن ابنَ عمرَ لم يبلغْه النَّهيُ. وقالَ ابنُ حزمٍ (٦): حَملُ حديثِ ابن عمروٍ هذا على التفرقِ بالأقوالِ تذهبُ معهُ فائدةُ الحديثِ، لأنهُ يلزمُ معهُ حلُّ التفرقِ سواءٌ خشيَ أنْ يستقيلَه أوْ لا، لأنَّ الإقالةَ تصِحُّ قبل التفرقِ وبعدَه. قالَ ابنُ عبدِ البرِّ (٧): قدْ أكثرَ المالكيةُ والحنفيةُ منَ الكلامِ بردِّ الحديثِ بما يطولُ ذكرُه، وأكثرُه لا يحصلُ منهُ شيءٌ، وإذا ثبتَ لفظُ مكانِهما لم يبقَ للتأويلِ مجالٌ، وبطلَ بطلانًا ظاهرًا حملَه على تَفَرُّقِ الأقوالِ.

[[خيار الغبن]]

٣/ ٧٨٢ - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: ذَكَرَ رَجُلٌ لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ يُخْدَعُ في الْبُيُوعِ فَقَالَ: "إذَا بَايَعْتَ فَقُلْ: لا خِلابَةَ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٨). [صحيح]


= في الحديث هو شعيب، والمقصود بجده هو عبد اللهِ بن عمرو بن العاص.
(١) في (ب): "عمر".
(٢) انظر كلامه في "سننه" (٣/ ٥٥٠).
(٣) انظر: "الفتح" (٤/ ٣٣٢).
(٤) في (ب): "فقالوا".
(٥) أخرجه البخاري (٢١٠٧)، وتخريج الحديث (١/ ٧٨٠) من كتابنا هذا.
(٦) انظر: "المحلَّى" (٨/ ٣٦٠)، والفتح (٤/ ٣٣٢).
(٧) انظر: "الفتح" (٤/ ٣٣٢).
(٨) البخاري (٢١١٧)، ومسلم (١٥٣٣). =