للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإنهُ لا يلزمهُ تسليمهُ منْ مالهِ، وهذَا هوَ أحدُ الخمسةِ الذينَ يحلُّ لهمْ أخذُ الصدقةِ وإنْ كانُوا أغنياءَ كما سلفَ في حديثِ أبي سعيدٍ (١).

والثاني: مَنْ أصابَ مالَهُ آفةٌ سماويةٌ أو أرضيةٌ، كالبرَدِ والغرقِ ونحوِه، بحيثُ لمْ يبقَ لهُ ما يقومُ بعيشهِ؛ حلَّتْ لهُ المسألةُ حتَّى يحصلَ لهُ ما يقومَ بحالهِ ويسدَّ خلَّتَهُ.

والثالث: مَنْ أصابته فاقةٌ، ولكنْ لا تحلُّ لهُ المسألةُ إلَّا بشرطٍ أنْ يشهدَ لهُ - منْ أهلِ بلدِه لأنَّهم أخبرُ بحالهِ - ثلاثةٌ منْ ذوي العقولِ، لا مَنْ غلبَ عليهِ الغباوةُ والتغفيلُ، وإلى كونِهم ثلاثةً ذهبتِ الشافعيةُ للنصِّ فقالُوا: لا يقبلَ في الإعسارِ أقلُّ منْ ثلاثةٍ. وذهبَ غيرُهم إلى كفايةِ الاثنينِ قياسًا على سائرِ الشهاداتِ، وحملُوا الحديثَ على الندبِ. ثمَّ هذا محمولٌ على مَنْ كانَ معروفًا بالغِنَى ثم افتقرَ، أمَّا إذا لمْ يكنْ كذلكَ فإنهُ يحلُّ لهُ السؤالُ، وإنْ لمْ يشهدُوا لهُ بالفاقةِ يقبلُ قولُه. وقد ذهبَ إلى تحريمِ السؤالِ ابنُ أبي ليلَى، وأنَّها تسقطُ بهِ العدالةُ. والظاهرُ منَ الأحاديثِ تحريمُ السؤالِ إلَّا للثلاثةِ المذكورينَ، أو أنْ يكونَ المسؤولُ السلطانَ كما سلف.

[[الصدقة لا تحل للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولا لآله]]

٤/ ٦٠٦ - وَعَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لآلِ مُحَمَّدٍ إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ".

وَفي رِوَايَةِ: "وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمّدٍ وَلَا لآلِ مُحَمّد"، رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٢). [صحيح]

(وعنْ عبدِ المطلبِ بن ربيعةَ بن الحارث)، بن عبدِ المطلبِ بن هاشمٍ، سكنَ المدينةَ ثمَّ تحولَ عنْها إلى دمشقَ، وماتَ بها سنةَ اثنتينِ وستينَ، وكانَ قدْ أَتَى إلى


(١) رقم (١/ ٦٠٣) من كتابنا هذا.
(٢) في "صحيحه" (١٦٧، ١٦٨/ ١٠٧٢).
قلت: وأخرجه أبو داود (٣/ ٣٨٦ رقم ٢٩٨٥)، والنسائي (٥/ ١٠٥ - ١٠٦ رقم ٢٦٠٩)، وأبو عبيد (رقم: ٨٤٢)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٢/ ٧)، والبيهقي (٧/ ٣١)، وأحمد (٤/ ١٦٦) عن المطلب بن ربيعة بن الحارث.