للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يطلبُ منهُ أنْ يجعلَهُ عاملًا على بعضِ الزكاةِ، فقالَ لهُ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الحديثَ، وفيهِ قصةٌ، (قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ الصدقةَ لا تنبغي لآل محمدٍ، إنما هو أوساخُ الناس). هوَ بيانٌ لعلةِ التحريمِ، (وفي روايةٍ) أي: لمسلمٍ عنْ عبدِ المطلبِ: (فإنها لا تحلُّ لمحمدٍ ولا لآل محمدٍ. رواه مسلمٌ)؛ فأفادَ أن لفظَ لا تنبغي أرادَ بهِ لا تحلُّ فيفيدُ التحريمَ أيضًا. وليْسَ لعبدِ المطلبِ المذكورِ في الكتبِ الستةِ غيرُ هذا الحديثِ، وهوَ دليلٌ على تحريمِ الزكاةِ على محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وعلَى آلهِ، فأمَّا عليه - صلى الله عليه وسلم - فإنهُ إجماعٌ، وكذا ادَّعَى الإجماعَ على حرمتِها على آله أبو طالبٍ، وابنُ قدامةَ (١). ونقلَ [جوازٌ] (٢) عنْ أبي حنيفةَ (٣). وقيلَ: إنْ مُنِعُوا خمسَ الخمسِ، والتحريمُ هوَ الذي دلَّتْ عليهِ الأحاديثُ، ومَنْ قالَ بخلافِها قالَ متأوِّلًا لها ولا حاجةَ للتأَويل، وإنما يجبُ التأويلُ إذا قامَ على الحاجةِ إليهِ دليلٌ، والتعليلُ بأنَّها أوساخُ الناسِ قاضٍ بتحريمِ الصدقةِ الواجبةِ عليهم لا النافلةِ؛ لأنَّها هي التي يطهرُ بها مَنْ يخرجُها كما قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (٤)، إلَّا أن الآيةَ نزلتْ في صدقةِ النفلِ كما هوَ معروفٌ في كتبِ التفسيرِ. وقدْ ذهبَ طائفةٌ إلى تحريمِ صدقةِ النفل أيضًا على الآلِ، واختْرنَاهُ في حواشي ضوء النهارِ (٥) لعمومِ الأدلةِ، وفيهِ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - كرَّمَ آلَهُ عنْ أنْ يكونُوا محلًّا للغُسالةِ، وشرَّفَهم عنها، وهذهِ هي العلةُ المنصوصةُ. وقدْ وردَ التعليلُ عندَ


(١) انظر: "نيل الأوطار" (٤/ ١٧٢ - ١٧٣)، و"الشرح الكبير" وهو بذيل المغني (٢/ ٧٠٩).
(٢) في (ب): "الجواز".
(٣) "نقل الطبري الجواز عن أبي حنيفة، وقيل عنه تجوز لهم إذا حرموا سهم ذوي القربى، حكاه الطحاوي ونقله بعض المالكية عن الأبهري. قال في "الفتح": وهو وجه لبعض الشافعية، وحكى فيه أيضًا عن أبي يوسف أنها تحل من بعضهم لبعض لا من غيرهم، وحكاه في البحر عن زيد بن علي والمرتضى وأبي العباس والإمامية. وحكاه في الشفاء عن ابني الهادي والقاسم العياني. قال الحافظ: وعند المالكية في ذلك أربعة أقوال مشهورة: الجواز، المنع، جواز التطوع دون الفرض، عكسه. والأحاديث الدالة على التحريم على العموم ترد على الجميع … " اهـ، "نيل الأوطار" (٤/ ١٧٢).
وانظر: "موسوعة الإجماع" (١/ ٤٧٤ - ٤٧٥)، و"المحلَّى" رقم المسألة (١٦٤٣).
(٤) سورة التوبة: الآية ١٠٣.
(٥) للجلال (٢/ ٣٤٣ - ٣٤٤ رقم الحاشية "٢").