للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وغيرُه (١): لمْ يسمعِ ابنُ أبي رباحٍ منْ رافعٍ بن خُدَيجٍ. وقد اختلفَ فيهِ الحفَّاظُ اختلافًا كثيرًا، ولهُ شواهدُ تقويهِ، وهوَ دليلٌ على أن غاصِبَ الأرضِ إذا زَرَع الأرضَ لا يملكُ الزرعَ، وأنهُ لمالكِها، ولهُ ما غَرِمَ على الزرعِ منَ النفقةِ والبذْرِ. وهذا مذهبُ أحمدَ بن حنبلٍ (٢)، وإسحاقَ، ومالكٍ (٣)، وهوَ قولُ أكثرِ علماءِ المدينةِ، والقاسمِ بن إبراهيم، وإليهِ ذهبَ أبو محمد (٤) ابنُ حزم، ويدلُّ لهُ حديثُ: "ليسَ لِعِرْقِ ظالمٍ حقٌّ" سيأتي (٥)؛ إذِ المرادُ بهِ مَنْ غرسَ، أَو زَرَعَ، أو بَنَى، أوْ حَفَرَ في أرْضِ غيرِهِ بغيرِ حقٍّ ولا شُبهةٍ، وذهبَ الأكثر من الأمةِ إلى أنَّ الزرعَ لصاحب البذْرِ الغاصبِ، وعليهِ أجرةُ الأرضِ، واستدلُّوا بحديثِ (٦): "الزرعُ للزارعِ [ولو] (٧) كانَ غاصِبًا" إلَّا أنهُ لم يُخرجْهُ أحدٌ، قالَ في المنارِ: وقدْ بحثتُ عنهُ فلمْ أجدْهُ، والشارحُ نقلَه وبيضَ لمخرجِهِ، واستدلُّوا بحديثِ: "ليسَ لعرقِ ظالمٍ حقٌّ"، ويأتي (٥). وهوَ لأهلِ القولِ الأولِ أظهرُ في الاستدلالِ.

يخيَّر الزارع الغاصب بين إخراج فرسه أو أخذه نفقته عليه

٤/ ٨٤٦ - وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ - رضي الله عنهما - قَالَ: قالَ رَجُلٌ مِنْ أصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في أَرْضٍ، غَرَسَ أَحَدُهُمَا فِيهَا نَخْلًا والأرضُ للآخَرِ، فَقَضَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالأرْضِ لِصَاحِبِهَا، وَأَمَرَ صَاحِبَ النَّخْلِ أنْ يُخْرِجَ نَخْلَهُ وَقَالَ: "لَيْسَ لِعِرْقِ ظَالِمٍ حَقٌّ"، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (٨)، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ. [حسن]


(١) قال ابن أبي حاتم في "العلل" (١/ ٤٧٦) عن الشافعي أنه قال: عطاء لم يدرك رافعًا ثم قال: قال أبي: بلى قد أدركه.
(٢) انظر: "المغني" (٥/ ٣٩٤، ٣٩٥)، و"سنن الترمذي" (٣/ ٦٤٨).
(٣) انظر: "بداية المجتهد" (٤/ ١٤٥: ١٤٨) بتحقيقنا.
(٤) انظر: "المحلَّى" (٨/ ١٤٤).
(٥) وهو الحديث الآتي برقم (٤/ ٨٤٦) من كتابنا هذا.
(٦) قال الألباني في "الضعيفة" (١/ ١٢٤ رقم ٨٨): باطل لا أصل له. ثم ذكر أنه مخالف لحديثين هما: حديث الباب (٣/ ٨٤٥) والذي يليه (٤/ ٨٤٦) من كتابنا هذا.
(٧) في (ب): "وإنْ".
(٨) في "سننه" (٣٠٧٤). =