للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مسافرون] (١)، وأنهُ لا يصلِّي بينَهما شيئًا. وقولُه: "ثمَّ اضطجعَ حتَّى طلعَ الفجرُ" فيه سننٌ نبويةٌ: المبيتُ بمزدلفةَ وهوَ مجمعٌ على أنهُ نُسُكٌ، [وإنما] (٢) اختلفَوا هلْ [هوَ] (٣) واجبٌ أو سنةٌ، والأصلُ فيما فعلَه - صلى الله عليه وسلم - في [حجته] (٤) الوجوبُ كما عرفتَ، وأنَّ السنةَ أن يصلِّيَ الصبحَ [بالمزدلفةِ] (٥)، ثمَّ يدفعُ منْها بعدَ ذلكَ فيأتي المشعرَ الحرامَ فيقفُ بهِ ويدعُو، والوقوفُ عندَه منَ المناسكِ، ثمَّ يدفعُ منهُ عندَ إسفارِ الفجرِ إسفارًا بليغًا، فيأتي بطنَ محسِّرٍ فيسرعُ السيرَ فيهِ لأنهُ محلُّ غضبِ اللَّهِ فيهِ على أصحابِ الفيلِ، فلا ينبغي الأناةُ فيهِ ولا البقاءُ بهِ، فإذا أَتَى الجمرةَ وهي جمرةُ العقبةِ نَزَلَ ببطنِ الوادي ورماها بسبعِ حصياتٍ، كلُّ حصاةٍ كحبةِ الباقلَّا يُكَبِّرُ معَ كلِّ حصاةٍ. ثمَّ ينصرفُ بعدَ ذلكَ إلى المنحرِ، فينحرُ إنْ كان عنده بُدْنٌ يريدُ نحرَها، وأما هوَ - صلى الله عليه وسلم - فإنهُ نحرَ بيدِه الشريفةِ ثلاثًا وستينَ بُدْنةً، وكانَ معهُ مائةُ بدنةٍ فأمرَ عليًا - رضي الله عنه - بنحرِ باقيْها ثمَّ ركبَ إلى مكةَ فطافَ طوافَ الإفاضةِ، وهوَ الذي يُقَالُ لهُ طوافُ الزيارةِ، ومنْ بعدِه يحلُّ لهُ كلُّ ما حَرُمَ بالإحرامِ حتَّى وطءُ النساءِ، وأما إذا رَمَى جمرةَ العقبةِ، ولم يطفْ هذَا الطوافَ فإنهُ يحلُّ لهُ ما عدَا النساءَ.

فَهذهِ الجملُ منَ السننِ والآدابِ التي أفادَها هذا الحديثُ الجليلُ منْ أفعالِه - صلى الله عليه وسلم - تبينُ كيفيةَ أعمالِ الحجِّ، وفي كثيرٍ مما دلّ عليهِ هذَا الحديثُ [الجليل] (٦) مما سقْناه خلافٌ بينَ العلماءِ كثيرٌ في وجوبِهِ أو عدمِ وجوبِهِ، وفي لزومِ الدمِ بتركِهِ وعدمِ لزومِه، وفي صحةِ الحجِّ إنْ تركَ [منها] (٧) شيئًا أو عدم صحتِه، وقدْ طوَّلَ بذكرِ ذلكَ في الشرحِ واقتصرْنا على ما أفادهُ الحديثُ، فالآتي بما اشتملَ عليهِ هوَ الممتثلُ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم -. "خُذُوا عني مناسككُم"، والمقتدي به في أفعالهِ وأقوالِه.

[يستحب الدعاء عند الانتهاء من كل تلبية]

٢/ ٦٩٦ - وَعنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذَا فَرَغَ مِنْ


(١) في النسخة (أ): "لأنهم يسافرون".
(٢) في النسخة (ب): "إنما".
(٣) زيادة من النسخة (ب).
(٤) في النسخة (أ): "حجة".
(٥) في النسخة (أ): "في مزدلفة".
(٦) زيادة من النسخة (ب).
(٧) في النسخة (ب): "منه".