للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فناظرَهُم فرجعَ منْهم أربعةُ [آلاف] (١) وكانُوا ثمانيةَ آلافٍ [فبقي] (٢) أربعةٌ أَبَوْا أنْ يرجعُوا وأصرُّوا على فراقِه فأرسلَ إليهمْ: "كونُوا حيثُ شِئْتُم وبينَنَا وبينَكم أنْ لا تسفكُوا دمًا حَرَامًا، ولا تقطعوا سبيلًا، ولا تَظْلِمُوا أَحَدًا"، فقتلُوا عبدَ اللهِ بنَ خبابٍ صاحبَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثمَّ بقَرُوا بطنَ [سُرِّيته] (٣) وهيَ حُبْلَى وأخرجُوا ما في بَطْنِها، فبلغَ عليًا كرَّمَ اللهُ وجْهَهُ فكتبَ إليهمْ أقيدُونا بقاتلِ عبدِ اللهِ بنِ خَبَّابٍ فقالُوا: كلُّنا قتلَه، فَأَذِنَ حينئذٍ في قِتَالِهمْ، وهيَ رواياتٌ ثابتةٌ ساقَها المصنفُ في [الفتح] (٤).

المسالةُ الثانيةُ: أنهُ لا يجهزُ على جريحِهَا، وهوَ مِنْ أَجْهَزَ علَى الجريحِ، وجَهَزَ أيْ بتت قتلَه [وأسرعَهُ] (٥) وتمَّمَ عليهِ، ودليلُه قولُه: ولا يجهزُ على جريْحِها.

وأخرجَ البيهقيُّ (٦) أنَّ عليًا عَلَيْه السَّلام قالَ لأصحابهِ يوم الجملِ: "إذا ظهرتُم على القومِ فلا تطلبُوا مُدْبِرًا ولا تُجْهِزُوا على جريحٍ وانظُروا ما حضرتْ بهِ الحربُ منْ آلتِه فاقبضُوه وما سِوَى ذلكَ فهوَ لِوَرَثَتِهِ". قالَ البيهقيُّ (٦): هذَا منقطعٌ والصحيحُ أنهُ لم يأخذْ شيئًا ولم يسلبْ قتيلًا.

ودلَّ الحديث أيضًا على أنه لا يقتلُ أسيرُ البغاةِ، قالوا: وهذا خاصٌ بالبغاة لأنَّ قتالَهم إنَّما هوَ لِدَفْعِهِمْ عنِ المحاربةِ.

ودلَّ الحديثُ أيضًا على أنهُ لا يطلبُ هاربُها، وظاهرُه ولوْ كانَ متحيِّزًا إلى فئةٍ، وإلى هذَا ذهبَ الشافعيُّ قالَ: لأنَّ القصْدَ دفْعَهُم في تلكَ الحالِ وقدْ وقعَ. وذهبتِ الهادويةُ والحنفيةُ إلى أنَّ الهاربَ إلى فئةٍ يُقْتَلُ إذْ لا يُؤْمَنُ عَوْدُهُ، والحديثُ يردُّ هذا القولَ وكَذَا ما تقدَّمَ منْ كلامِ عليٍّ عَلَيْه السَّلام.

المسالةُ الثالثةُ: قولُه: (ولا يُقْسَمُ فيئُها) أي لا يُغْنَمُ فيقسمُ، دالٌّ على أنَّ أموالَ البغاةِ لا تغنمُ وإنْ أجْلَبُوا بها إلى دارِ الحربِ، وإلى هذا ذهبتِ الشافعيةُ


(١) في (أ): "ألف".
(٢) في (ب): "وبقي".
(٣) في (أ): "سرية".
(٤) في (ب): "فتح الباري".
(٥) زيادة من (ب).
(٦) في "السنن الكبرى" (٨/ ١٨١)، وهو منقطع.