للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تركُه معَ الإمكانِ، وأما إذا رآهُ يسرقُ مالَ زيدٍ فهلْ يجبُ عليهِ إخبارُ زيدٍ بذلكَ أو سترُ السارقِ؟ الظاهرُ أنهُ يجبُ عليهِ إخبارُ زيدٍ، وإلا كانَ مُعيِنًا للسارقِ بالكتْمِ منهُ على الإِثْمِ، واللَّهُ تعالَى يقولُ: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (١). وأما جرحُ الشهودِ والرواةِ والأمناءِ على الأوقافِ والصدقاتِ وغير ذلكَ فإنهُ منْ بابِ نصيحةِ المسلمينَ الواجبةِ على كل من اطلعَ عليها، وليسَ منَ الغيبةِ المحرَّمةِ، بلْ مِنَ النصيحةِ الواجبةِ، وهوَ مجمعٌ عليهِ.

الرابعةُ: الإخبارُ بأنَّ اللَّهَ تعالى في عونِ العبدِ ما كانَ العبدُ في عونِ أخيهِ؛ فإنهُ دالٌّ على أنهُ تعالَى يتولَّى إعانةَ مَنْ أعانَ أخاهُ وهوَ يدلُّ على أنهُ يتولَّى عونَه في حاجةِ أخيه التي يسعَى فيها، وفي حوائجِ نفسهِ، فينالُ منْ عونِ اللَّهِ ما لمْ يكنْ ينالُه بغيرِ إعانتِه وإنْ كانَ تعالَى هوَ المعينُ لعبدهِ في أمورِهِ لكنْ إذا كانَ في عونِ أخيهِ زادتْ [إعانةُ اللَّهِ] (٢)، فيؤخذُ منهُ أنهُ ينبغي للعبدِ أنْ يشتغلَ بقضائه حوائجِ أخيهِ، ويقدمها على حاجةِ نفسهِ، لينالَ منَ اللَّهِ تعالى كمالَ الإعانةِ في [حاجته] (٣).

وهذهِ الجملُ المذكورةُ في الحديثِ دلَّتْ على أنهُ تعالَى يجازي العبدَ منْ جنسِ فعلِه، فمنْ سترَ سترَ عليهِ، ومنْ يسَّرَ يسَّرَ عليهِ، ومنْ أعانَ أُعِيْنَ. ثمَّ إنهُ تعالَى بفضِله وكرمِه جعلَ الجزاءَ في الدارينِ في حقِّ الميسرِ على المعسرِ، والساترِ للمسلمِ، وجعلَ تفريجَ الكربةِ يجازي بهِ يومِ القيامةِ كأنهُ لعظائمِ يومِ القيامةِ أُخِّرَ جَزاءُ تفريجِ الكربةِ، ويحتملُ أنْ يفرجَ عنه في الدُّنيا أيضًا لكنَّهُ طُوِيَ في الحديثِ وذكرَ ما هوَ أهمُّ.

[الدال على الخير كفاعله]

١٣/ ١٣٨٤ - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ"، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (٤). [صحيح]


(١) سورة المائدة: الآية ٢.
(٢) في (أ): "إعانته تعالى".
(٣) في (ب): "حاجاته".
(٤) في "صحيحه" رقم (١٨٩٣).
قلت: وكذلك أخرجه الترمذي رقم (٢٦٧١)، وأحمد في "مسنده" (٥/ ٢٧٢).