للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[طبيبٍ] (١) ينفعُه، وبالجملةِ تفريجُ الكربِ بابٌ واسعٌ فإنهُ يشملُ إزالةَ كل ما ينزلُ بالعبدِ أوْ تخفيفه.

الثانيةُ: التيسيرُ على المُعسرِ هوَ أيضًا منْ تفريجِ الكرب، وإنَّما خصُّه لأنهُ أبلغُ وهو [يشمل الإنظار للغريم] (٢) في الدَّينِ، أو إبراؤُه لهُ منهُ، أوْ غير ذلكَ؛ فإنَّ الله تعالى ييسِّرُ عليهِ أمورَه، ويسهِّلُها لهُ لتسهيلهِ لأخيه فيما عندَه. والتيسيرُ لأمورِ الآخرةِ بأنْ يهوِّنَ عليهِ المشاق فيها، ويرجحَ وزنَ الحسناتِ ويلقى في قلوبِ مَنْ لهمْ عندَهُ حق يجبُ استيفاؤهُ منه في الآخرِة المسامحةُ وغيرُ ذلكَ، ويؤخذُ منهُ أن مَنْ عسَّر على معسِر عسَّر عليهِ، ويؤخذُ منهُ أنّهُ لا بأسَ على مَنْ عسَّر على موسِر لأنَّ مطْلَه ظلمٌ يحلُّ عرضُه وعقوبتُه.

الثالثةُ: منْ سترَ مسلمًا اطّلعَ منهُ على ما لا ينبغي إظهارهُ منَ الزلَّاتِ والعثراتِ، فإنهُ مأجورٌ [بستره عنه] (٣) بما ذكرهُ منْ سترهِ في الدنيا والآخرةِ، فيسترُه في الدنيا بأنْ لا يأتي زلَّةً يكرهُ اطلاعَ غيرِه عليها، وإنْ أتاهَا لم يُطلعِ اللهُ عليها أحدًا، وسترُه في الآخرةِ بالمغفرةِ لذنوبِه، وعدمِ إظهارِ قبائحِه، وغيرِ ذلكَ. وقد حثَّ - رَحمه اللهُ على السترِ للمسلمِ ققالَ في حقِّ ماعزٍ: "هلَّا سترتَ عليهِ بردائِكَ يا هزالُ" (٤). قالَ العلماءُ: وهذا السترُ مندوبٌ لا واجبٌ، فلو رفعهُ إلى السلطان كان جائزًا له، ولا يأثمُ به. قلتُ: ودليله أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يلم هزالًا، ولا أبانَ لهُ أنهُ آثمٌ، بلْ حرَّضَهُ على أنهُ كانَ ينبغي لهُ سترهُ، فإنْ علمَ أنهُ تابَ وأقلعَ حرُمَ عليهِ ذكرُ ما وقعَ منهُ، ووجبَ عليهِ سترهُ، وهوَ في حقِّ منْ لا يُعْرَفُ بالفسادِ والتمادي في الطغيانِ، وأما مَنْ عُرِفَ بذلكَ فانهُ لا يستحبُّ السترُ عليهِ، بَلْ يرفعُ أمرُه إلى مَنْ لهُ الولايةُ إذا لم يخفْ منْ ذلكَ مفسدةَ، وذلكَ لأنَّ الستر عليهِ يغريهِ على الفسادِ، ويجزئه على أذيةِ العبادِ، ويجرئُ غيرهَ منْ أهلِ الشرِّ والعِنادِ، وهذا بعدَ انقضاءِ فعلِ المعصيةِ. فأما إذا رآهُ وهو فيها فالواجبُ المبادرةُ لإنكارِها، والمنعُ منْها معَ القدرةِ على ذلكَ. ولا يحل تأخيرُه لأنهُ منْ بابِ إنكارِ المنكرِ لا يحلُّ


(١) في (أ): "طلب ما".
(٢) في (ب): "إنظاره لغريمه".
(٣) زيادة من (أ).
(٤) أخرجه أبو داود رقم (٤٣٧٧)، وهو حديث ضعيف.