للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وإلَّا فإنهُ قدْ قيلَ عنْ عائشةَ وحفصةَ عِدَّةُ أخبارٍ وتردُّدُه في حِفْظِها عذرٌ لهُ في عدمِ العملِ بالحديثِ ولا يكونُ شكُّهُ حجةً على غيرِه. وأما قولِه: إنهُ مخالفٌ للقرآنِ وهوَ قولُه تعالَى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} (١) فإنَّ الجمْعَ ممكنٌ بحملِ الحديثِ على التخصيصِ لبعضِ أفرادِ العامِّ، وأما روايةُ عمرَ فأرادُوا بها قولَه: وسنةَ نبيِّنا، وقدْ عُرِفَ منْ علومِ الحديثِ أنَّ قولَ الصحابيِّ منَ السُّنَةِ كذَا يكونُ مرفُوعًا.

فالجوابُ أنهُ أنكرَ أحمدُ بنُ حنبلٍ هذه الزيادةَ منْ قولِ عمرَ وجعلَ يُقْسِمُ ويقولُ: وأينَ في كتابِ اللَّهِ إيجابُ النفقةِ والسُّكْنَى للمطلقةِ ثلاثًا، وقالَ: هذَا لا يصح عنْ عمرَ قالَ ذلكَ الدارقطني. وأما حديثُ عمر (١) سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: لَهَا السُّكْنَى والنفقةُ، فإنهُ منْ روايةِ إبراهيمَ النخعيِّ عنْ عمرَ، وإبراهيمُ لم يسمعْه منْ عمرَ فإنهُ لم يولدْ إلا بعدَ موتِ عمرَ بسنينَ. وأما القولُ بأنَّ خروجَ فاطمةَ منْ بيتِ زَوْجها كان لإيذائِها لأهلِ بيتِه بلسانِها فكلامٌ أجنبي عما يفيدهُ الحديثُ الذي روتْ، ولوْ كانتْ تستحق السُّكْنَى لما أسقطَه - صلى الله عليه وسلم - لبذاءةِ لسانِها ولوعظها وكفَّها عنْ إذايةِ أهلِ زَوْجِها. ولا يخْفَى ضعفُ هذهِ المطاعنِ في ردِّ الحديثِ، فالحق ما أفادَه الحديثُ وقدْ أطالَ ابنُ القيِّمِ رحمه الله ذلكَ في "الهدي النبويِّ" (٢) ناصرًا للعملِ بحديثِ فاطمةَ.

[لا تحد امرأة فوق ثلاث إلا على زوج]

٤/ ١٠٤٢ - وَعَنْ أُمِّ عَطِيّةَ - رضي الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَا تُحِدُّ امْرَأَةٌ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ، إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا تَلْبَس ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ، وَلَا تَكْتَحِلْ، وَلَا تَمَسَّ طِيبًا، إِلَّا إِذَا طَهُرَتْ نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٣)، وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِم، وَلأَبِي دَاوُدَ (٤) وَالنَّسَائِي (٥) مِنَ الزِّيَادَةِ: "وَلَا تَخْتَضِبْ"، وَللنَّسَائيِّ (٦): "وَلَا تَمْتَشِطْ". [صحيح]


(١) سورة الطلاق: الآية ١.
(٢) (٥/ ٦٧٥).
(٣) البخاري رقم (٥٣٤١)، ومسلم (٢/ ١١٢٧ رقم ٦٦/ ٩٣٨).
(٤) في "السنن" رقم (٢٣٠٢).
(٥) في "السنن" (٦/ ٢٠٤ رقم ٣٥٣٦).
(٦) في "السنن" (٦/ ٢٠٢ - ٢٠٣ رقم ٣٥٣٤).