للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[هل يشترط لسجود التلاوة ما يشترط للصلاة]

واختلفوا أيضًا هلْ يشترطُ فيها ما يشترطُ في الصلاةِ منَ الطهارةِ وغيرِها؟ فاشترطَ ذلكَ جماعةٌ، وقالَ قومٌ: لا يشترطُ. وقالَ البخاريُّ (١): كانَ ابنُ عمرَ يسجدُ على غيرِ وضوءٍ. وفي مسندِ ابن أبي شيبةَ (٢): "كانَ ابنُ عمرَ ينزلُ عنْ راحلتهِ فيهريقُ الماءَ، ثمَّ يركبُ فيقرأُ السجدةَ فيسجدُ وما يتوضأُ". ووافقَهُ الشعبيُّ على ذلكَ. ورُوِيَ عن ابن عمرَ أنهُ لا يسجدُ الرجلُ إلَّا وهوَ طاهرٌ. وجمعَ بينَ قولهِ وفعلهِ [بحمله] (٣) على الطهارةِ منَ الحدثِ الأكبرِ.

قلتُ: والأصلُ أنهُ لا يشترِطُ الطهارةَ إلَّا بدليلٍ، وأدلةُ وجوبِ الطهارةِ وردتْ للصلاةِ، والسجدةُ لا تُسَمَّى صلاةً، فالدليلُ علَى مَنْ شَرطَ ذلكَ. وكذلكَ أوقاتُ الكراهةِ وردَ النهيُ عن الصلاةِ فيها فلا تشملِ السجدةِ الفرْدَةَ. وهذا الحديثُ دلَّ على السجودِ للتلاوةِ في المفصَّلِ، ويأتي الخلافُ في ذلكَ. ثمَّ رأيتُ لابنِ حزم كلامًا في شرحِ المحلَّى (٤) لفظُهُ: (السجودُ في قراءةِ القرآنِ ليسَ [ركعةً أوْ] (٥) ركعتينِ فليسَ صلاةً، وإذا كانَ ليسَ صلاةً فهوَ جائزٌ بلا وضوءٍ، وللجنب والحائضِ، وإلى غيرِ القبلةِ كسائرِ الذِّكرِ، ولا فرقَ إذْ لا يلزمُ الوضوءُ إلَّا للصلاةِ، ولمْ يأتِ بإيجابهِ لغيرِ الصلاةِ قرآن، ولا سنةٌ، ولا إجماعٌ، ولا قياسٌ؛ فإنْ قيلَ: السجودُ منَ الصلاةِ، وبعضُ الصلاةِ صلاةٌ، قُلْنَا: والتكبيرُ بعضُ الصلاةِ، [وقراءة القرآن بعض الصلاة] (٦)، والجلوسُ والقيامُ والسلامُ بعضُ الصلاةِ، فهلْ [يلتزمونَ] (٧) أنْ لا يفعلَ أحدٌ شيئًا منْ هذهِ الأفعالِ والأقوال إلَّا وهوَ على وضوءٍ، هذا لا يقولونَهُ ولا يقولهُ أحدٌ)، انتهَى [بتلخيص] (٨).

[سجد - صلى الله عليه وسلم - في {ص}]

١١/ ٣٢٣ - وَعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: {ص} لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ


(١) في "صحيحه" (٢/ ٥٥٣) رقم الباب (٥).
(٢) في "المصنف" (٢/ ١٤).
(٣) زيادة من (أ).
(٤) ذكر ابن حزم في "المحلَّى بالآثار" (٣/ ٣٣٠ - ٣٣١) كلامًا قريبًا من ذلك.
(٥) في (أ): "ركعة ولا".
(٦) زيادة من (أ).
(٧) في (أ): "يلزمون".
(٨) زيادة من (أ).