للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعن جابرٍ - رضي الله عنه - أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: من حَلَفَ على منبري هذا بيمينٍ آثمة تبوَّأ مقعده من النار. رواه أحمد وأبو داودَ والنسائيُّ وصحَّحه ابن حبان)، وأخرجَ (١) النسائيُّ برجالٍ ثقاتٍ منْ حديثِ أبي أمامةَ مرفُوعًا: "مَنْ حلفَ عندَ منبري هذا بيمينٍ كاذبةٍ، يستحلُّ بها مالَ امرئٍ مسلمٍ فعليهِ لعنةُ اللهِ والملائكةِ والناسِ أجمعينَ، لا يقبلُ اللهُ منهُ صرْفًا ولا عدْلًا". والحديثُ دليلٌ على عظمةِ إثمِ منْ حلفَ على منبرهِ - صلى الله عليه وسلم - كاذِبًا. واختَلَفَ العلماءُ في تغليظِ الحلفِ بالمكانِ والزمانِ هلْ يجوزُ للحاكم أوْ لا. والحديثُ لا دليلَ فيهِ على أحدِ القولينِ، إنَّما فيهِ عظمةُ إثمِ مَنْ حلفَ على منبرهِ - صلى الله عليه وسلم -. وذهبت الهادويةُ والحنفيةُ والحنابلةُ إلى أنهُ لا تغليظَ بزمانٍ ولا مكانٍ، وأنهُ لا يجبُ على الحالِفِ الإجابةُ إلى ذلكَ. وذهبَ الجمهورُ إلى أنهُ يجبُ التغليظُ في الزمانِ والمكانِ، قالُوا: ففي المدينةِ على المنبرِ، وفي مكةَ بينَ الركنِ والمقامِ، وفي غيرهما في المسجدِ الجامعٍ، وكأنَّهم يقولونَ في الزمانِ ينظرُ إلى الأوقاتِ الفاضلةِ كبعدَ العصرِ، وليلةَ الجمعةِ ويومَها، ونحوَ ذلكَ. احتجَّ الأولونَ بإطلاقِ أحاديثِ: "اليمينُ على المدَّعى عليهِ" (٢)، وبقولهِ: "شاهِدَاكَ أوْ يمينُه" (٣). واحتجَّ الجمهورُ بحديثِ جابرٍ، وحديثِ أبي أمامةَ، وبفعلِ عمرَ وعثمانَ وابنِ عباسٍ وغيرِهم منَ السلفِ. واستدلُّوا للتغليظِ بالزمانِ بقولهِ تعالَى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} (٤). قالَ المفسرونَ (٥): هي صلاةُ العصرِ. وقالَ آخرونَ: يستحبُّ التغليظُ في الزمانِ والمكانِ ولا يجبُ. وقيلَ: هوَ موضعُ اجتهادٍ للحاكمِ إذا رآه [حسنًا] (٦) ألزمَ بهِ.

الثلاثة الذين لا يكلِّمهم الله يوم القيامة

٧/ ١٣٣٣ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ثَلَاثةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيهِمْ، وَلَا


(١) في "السنن الكبرى" (٣/ ٤٩٢ رقم ٦٠١٩/ ٢) ورجاله ثقات.
(٢) سبق تخريجه حديث رقم (١/ ١٣٢٧) من كتابنا هذا.
(٣) تقدم تخريجه في شرح الحديث رقم (٩/ ١٣٢٦) من كتابنا هذا.
(٤) سورة المائدة: الآية ١٠٦.
(٥) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٦/ ٣٥٣).
(٦) في (أ) "صلاحًا".