للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصَّلَاة؟) أي: شرعَ اللَّهُ قصرَ الرباعيةِ إلى اثنتينِ (فَقَالَ: لَمْ أَنْسَ، وَلَمْ تْقْصَرْ)، أي: في ظنِّي (فَقَالَ: بَلَى قَدْ نَسِيتُ. فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ سَلَّمَ، ثُمّ كَبّرَ ثمّ سَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثمَّ رَفَع رَأْسَهُ [فَكَبّرَ] (١)، [ثمّ وَضَعَ رَأْسَهُ فَكَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أطْوَلَ، ثمَّ رَفَع رَأْسَهُ وَكَبّرَ] (٢) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظ لِلْبُخَارِيِّ).

[فوائد قيمة في حديث ذي اليدين]

[هذا] (٢) الحديثُ قدْ أطالَ العلماءُ الكلامَ عليهِ، وتعرَّضوا لمباحثَ أصوليةٍ وغيرَها. وأكثرُهمْ استيفاءً لذلكَ القاضي عياضُ، ثمَّ المحققُ ابنُ دقيقِ العيدِ في شرحِ العمدةِ (٣)، وقدْ وفَّينا المقامَ حقَّهُ في حواشيْها (٤). والمهمُّ هنَا الحكمُ الفرعيُّ المأخوذُ منهُ، وهوَ أن الحديثَ دليلٌ على أن نيةَ الخروجِ منَ الصلاةِ وقطعِها إذا كانتْ بناءً على ظنِّ التمامِ لا يوجبُ بطلانَها، ولو سلَّمَ التسليمتينِ، وأنَّ كلامَ الناسي لا يبطلُ الصلاةَ، وكذا كلامُ مَنْ ظنَّ التمامَ. وبهذَا قالَ جمهورُ العلماءِ منَ السلفِ والخلفِ، وهوَ قولُ ابن عباسٍ، وابنِ الزبيرِ، وأخيْهِ عروةَ، وعطاءٍ، والحسنِ وغيرهِم. وقالَ بهِ الشافعيُّ، وأحمدُ، وجميعُ أئمةِ الحديثِ. وقالَ بهِ الناصرُ منْ أئمةِ الآلِ. وقالتِ الهادويةُ والحنفيةُ: التكلُّمُ في الصلاةِ ناسيًا أو جاهلًا يبطلُها مستدلينَ بحديثِ ابن مسعودٍ (٥)، و [حديثِ] (٦) زيدِ بن أرقمٍ (٧) في النَّهي عن التكلمِ في الصلاةِ، وقالُوا: هما ناسخانِ لهذا الحديثِ. وأجيبَ بأنَّ حديثَ ابن مسعودٍ كانَ بمكةَ متقدِّمًا على حديث البابِ بأعوامٍ، والمتقدمُ لا ينسخُ المتأخرَ، وبأنَّ حديثَ زيدِ بن أرقمٍ، وحديثَ ابن مسعودٍ [أيضًا] (٨) عمومانِ، وهذا الحديثُ خاصٌّ بمنْ تكلَّمَ ظانًّا لتمامِ صلاتهِ، فَيُخَصُّ بهِ [الحديثانِ المذكورانِ] (٩)، فتجتمعُ الأدلةُ منْ غيرِ إبطالٍ لشيءٍ منْها. ويدلُّ الحديثُ أيضًا


(١) في (أ): "وكبر".
(٢) زيادة من (ب).
(٣) (٢/ ٢٥ - ٣٨).
(٤) (٢/ ٤١٣ - ٤٤٥).
(٥) وهو حديث صحيح، تقدَّم عند شرح الحديث رقم (٢٠/ ٢١٢).
(٦) زيادة من (أ).
(٧) وهو حديث صحيح، تقدَّم تخريجه رقم (١٦/ ٢٠٨).
(٨) زيادة من (ب).
(٩) في (أ): "الحديثين المذكورين".