للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[هو] (١) ما بينَ زوالِ الشمسِ وغروبها، وقدْ عيَّنَها أبو هريرةَ في روايةٍ لمسلمٍ أنَّها الظهرُ، وفي أُخرى أنَّها العصرُ ويأتي. وقدْ جمعَ بينَهمَا بأنَّها تعددتِ القصةُ، (رَكْعَتَيْنِ [ثُمَّ سَلَّمَ] (٢)، ثُمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَةٍ فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا وَفِي الْقَوْمِ) المصلينَ (أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ فَهَابَا أَنْ يكَلِّمَاهُ) أي: بأنهُ سلَّم على ركعتينِ، (وَخَرَجَ) منَ المسجدِ (سَرَعَانَ النَّاسِ) بفتحِ السينِ المهملةِ وفتحِ الراءِ، هوَ المشهورُ، وُيرَوى بإسكانِ الراءِ همُ المسرعونَ إلى الخروجِ، قيلَ: وبضمِّها، وسكونِ الراءِ، على أنهُ جمعُ سريعٍ كقفيزٍ وقفزانَ. (فَقَالُوا [أَقُصِرَتِ]) (٣) بضمِّ القاف وكسرِ الصادِ (الصَّلَاة)، ورُوِيَ بفتحِ القافِ وضمِّ الصادِ. وكلاهما صحيحٌ، والأولُ أشهرُ. (ورَجُلٌ يَدْعُوهُ) أي: يسميهِ (النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَا الْيَدَيْنِ)، وفي روايةٍ [رجلٌ] (٤) يُقالُ لهُ الخِرباقُ [بنُ عمرو] (٤) بكسرِ الخاءِ المعجمةِ وسكونِ الراءِ فباءٍ موحدةٍ آخرَهُ قافٌ، لُقِّبَ ذي اليدينِ لطولٍ كانَ في يديهِ. وفي الصحابةِ رجلٌ آخرَ يقالُ لهُ ذو الشمالينِ وهوَ غيرُ ذي اليدينِ. ووهمَ الزهريُّ فجعلَ ذا اليدينِ وذا الشمالينِ واحدًا. وقدْ بيَّنَ العلماءُ وهْمَهُ (٥) (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَسِيتَ أَمْ قصِرَتِ


(١) زيادة من (ب).
(٢) زيادة من (أ).
(٣) في (أ): "قصُرت".
(٤) زيادة من (ب).
(٥) قال النووي في "تهذيب الأسماء واللغات" (١/ ١٨٥ - ١٨٦).
"ذو اليدين الصحابي - رضي الله عنه - مذكور في كتاب الصلاة في هذه الكتب اسمه الخرباق بن عمرو بخاء معجمة مكسورة وبموحده وقاف وهو من بني سُليم وهو الذي قال: يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت حين سلم في ركعتين.
وليس هو ذا الشمالين الذي قتل يوم بدر، لأن ذا الشمالين خزاعي قتل يوم بدر، وذو اليدين سلمي عاش بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - زمانًا حتى روى المتأخرون من التابعين عنه. واستدل العلماء لما ذكرناه بأن أبا هريرة شهد قصة السهو في الصلاة .. وقد اجتمعوا على أن أبا هريرة إنما أسلم عام خيبر سنة سبع من الهجرة بعد بدر بخمس سنين، وكان الزهري يقول إن ذا اليدين هو ذو الشمالين وأنه قتل ببدر وأن قصته في الصلاة كانت قبل بدر تابعه أصحاب أبي حنيفة على هذا وقالوا كلام الناسي في الصلاة يبطلها وادَّعوا أن الحديث منسوخ، والصواب ما سبق. وقد أطنب أعلام المحدثين في إيضاح هذا ومن أحسنهم له إيضاحًا الحافظ أبو عمر بن عبد البر في كتاب "التمهيد" في شرح "الموطأ". وقد لخصت مقاصد ما ذكره مع ما ذكره غيره في "شرح صحيح مسلم"، وفي "شرح المهذب". قال ابن عبد البر، واتفقوا على أن الزهري غلط في هذه القصة، والله أعلم". اهـ.