للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شكوهُ شدةُ الرمضاءِ في الأكفِّ والجباهِ، وهذهِ لا تذهبُ عن الأرضِ إلَّا آخرَ الوقتِ أوْ بعدَ آخرِهِ، ولذَا قالَ لهمْ - صلى الله عليه وسلم -: "صلُّوا الصلاةَ لوقتِها"، كما ذلكَ ثابتٌ في روايةِ خبابٍ هذهِ بلفظِ: "فلمْ يشكنا"، وقال: "صَلُّوا الصَلاةَ لوقْتِها"، رواها ابنُ المنذرِ؛ فإنهُ دالٌّ [على] (١) أنَّهمْ طلبوا تأخيرأ زائدًا عنْ وقتِ الإبرادِ، فلا يعارضُ حديثَ الأمرِ بالإبرادِ، وتعليل الإبرادِ بأنَّ شدةَ الحرِّ منْ فيحِ جهنمَ، يعني: وعندَ شدَّتِه يذهبُ الخشوعُ الذي هوَ روحُ الصلاةِ، وأعظمُ المطلوبِ منْها.

قيلَ: وإذا كانَ العلةُ ذلكَ فلا يُشْرعُ الإبرادُ في البلادِ الباردةِ. وقالَ ابنُ العربيِّ في القبسِ: ليسَ في الإبرادِ تحديدٌ، إلَّا ما وردَ في حديثِ ابن مسعودٍ - يعني الذي أخرجهُ أبو داودَ (٢)، والنسائيُّ (٣)، والحاكمُ (٤) مِنْ طريقِ الأسودِ عنهُ -: "كانَ قَدْرُ صلاةِ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ في الصيفِ ثَلاثَة أقدامٍ إلى خمسةِ أقدامٍ، وفي الشتاءِ خمسةَ أقدامٍ إلى سبعةِ أقدامٍ"، ذكرهُ المصنفُ في "التلخيص" (٥). وقد بيَّنَّا ما فيهِ، وأنهُ لا يتمُّ بهِ الاستدلالُ في المواقيتِ، وقد عرفتَ أن حديثَ الإبرادِ يخصِّصُ فضيلةَ صلاةِ الظهرِ في أولِ وقتِها بزمانِ شدةِ الحرِّ، كما قيلَ: إنهُ مخصصٌ [بالفجر] (٦).

[الإسفار بالفجر]

١٠/ ١٤٩ - وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَصْبِحُوا بالصُّبْحِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لأجُورِكُمْ". [صحيح]


= (٥/ ١٠٨)، والنسائي (١/ ٢٤٧)، وابن ماجه (١/ ٢٢٢ رقم ٦٧٥)، والبيهقي (١/ ٤٣٨)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (٩/ ٢٣٤) من حديث خَبَّاب.
(١) زيادة من (ب).
(٢) في "السنن" (١/ ٢٨٢ رقم ٤٠٠).
(٣) في "السنن" (١/ ٢٥٠ رقم ٥٠٣).
(٤) عزاه إليه ابن حجر في "التلخيص" (١/ ١٨٢).
(٥) (١/ ١٨٢).
قلت: وأخرجه البغوي في "شرح السنة" (٢/ ٢٠٢ - ٢٠٣ رقم ٣٦٠). وهو حديث صحيح، وقد صحَّحه الألباني في "صحيح أبي داود".
(٦) في (أ): "في الفجر".