للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

علَى جواز صرْفِ زكاةِ المرأةِ في زوجِها وهوَ قولُ الجمهورِ (١)، وفيهِ خلافٌ لأبي حنيفةَ (٢)، ولا دليل يقاوِمُ النصَّ المذكورَ. ومَنِ استدلَّ لهُ بأنَّها تعودُ إليها بالنفقةِ فكأنَّها ما خرجتْ عنْها فقدْ أوردَ عليهِ أنهُ يلزمُه منعُ صرفِها صدقةُ التطوعِ في زوجِها معَ أنَّها يجوزُ صرفُها فيهِ اتفاقًا. وأما الزوجُ فاتفقُوا على أنهُ لا يجوزُ لهُ صرفُ واجبةٍ في زوجتهِ، قالُوا: لأنَّ نفقتَها واجبةٌ عليهِ فتستغني بها عن الزكاةِ، قالَه المصنفُ في الفتحِ (٣)، وعندي في هذا الأخيرِ تَوَقُّفٌ؛ لأنَّ غِنَى المرأةِ بوجوبِ النفقةِ على زوجِها لا يصيِّرُها غنيةً، الغِنَى الذي يمنعُ منْ حلِّ الزكاةِ لها.

وفي قولهِ: (وولدُهُ) ما يدلُّ على إجزائِها في الولدِ إلَّا أنهُ ادَّعى ابنُ المنذرِ الإجماعَ (٤) على عدمِ جوازِ صرفِها إلى الولدِ، وحملُوا الحديثَ على أنهُ في غيرِ الواجبةِ، وأن الصرفَ إلى الزوجِ وهوَ المنفقُ على الأولادِ، أوْ أن الأولادَ للزوجِ ولمْ يكونُوا منها كما يُشْعِرُ بهِ ما وقعَ في روايةٍ أُخْرى: "على زوجِها وأيتامٍ في حجرِها"، ولعلَّهم أولادَ زوجِها سُمُّوا أيتامًا باعتبارِ اليُتْمِ منَ الأمِّ.

[النهي عن المسألة]

٩/ ٥٩٩ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتى يَأتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَيْسَ في وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْم"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٥) [صحيح]

(وعنِ ابن عمرَ - رضي الله عنهما - قالَ: قالَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: لا يزال الرجلُ) والمرأةُ (يسألُ الناسَ) أموالَهم (حتَّى يأتيَ يومَ القيامةِ وليسَ في وجهِهِ مُزْعَةُ)،


(١) قال الصاحبان - محمد بن الحسن الشيباني، وأبو يوسف - والشافعية والمالكية على الصحيح: يجوز دفع الزوجة إلى زوجها زكاتها.
[بدائع الصناع (٢/ ٤٠)، واللباب (١/ ٤٠٣ - ٤٠٥)، والمنتقى للباجي (٢/ ١٥٦)، وفتح الباري (٣/ ٣٢٩ - ٣٣٠).
(٢) قال أبو حنيفة والحنابلة على الراجح: لا يجوز دفع الزوجة إلى زوجها زكاتها.
الشرح الكبير (٢/ ٧١٣ - وهو بذيل المغني)، واللباب (١/ ٤٠٣ - ٤٠٥).
(٣) (٣/ ٣٣٠).
(٤) في كتابه "الإجماع" (ص ٥١ رقم ١١٨).
(٥) البخاري (١٤٧٤)، ومسلم (٢/ ٧٢٠ رقم ١٠٤).