للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أدركتهُ وهوَ يصلِّي فسلمتُ عليهِ، فأشارَ إليَّ فلما فرغَ دعاني وقالَ: إنكَ سلَّمتَ [عليَّ] (١)، فاعتذرَ إليهِ بعدَ الردّ بالإشارةِ. و [أمَّا] (١) حديثُ ابن مسعودٍ (٢): "أنَّهُ سلَّمَ عليهِ - صلى الله عليه وسلم - وهوَ يصلِّي فلمْ يردَّ عليهِ - صلى الله عليه وسلم -، ولا ذكرَ الإشارةَ بلْ قالَ لهُ بعدَ فراغهِ منَ الصلاةِ: "إنَّ في الصلاةِ شغلًا"، إلا أنهُ قدْ ذكرَ البيهقيُّ (٣) في حديثهِ "أنهُ - صلى الله عليه وسلم - أَوْمأَ له برأسهِ".

أقوال العلماء في ردِّ السلام في الصلاة على من سلَّم على المصلي

وقدِ اختلفَ العلماءُ في ردّ السلامِ في الصلاةِ على مَنْ سَلَّمَ على المصلِّي، فذهبَ جماعةٌ إلى أنهُ يردُّ باللفظِ، وقالَ جماعةٌ: يردُّ بعدَ السلامِ مِنَ الصلاةِ، وقالَ قومٌ: يردُّ في نفسهِ، وقالَ قومٌ: يردُّ بالإشارة كما أفادهُ هذا الحديثُ، وهذَا هوَ أقربُ الأقوالِ للدليلِ، وما عداهُ لمْ يأتِ بهِ دليلٌ. قيلَ: وهذَا الردُّ بالإشارةِ استحبابٌ بدليلِ أنهُ لمْ يردَّ - صلى الله عليه وسلم - بهِ على ابن مسعودٍ بلْ قالَ لهُ: "إنَّ في الصلاةِ [لشغلًا] (٤) ".

قلتُ: قدْ عرفتَ منَ روايةِ البيهقيِّ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - ردَّ عليهِ بالإشارةِ برأسهِ، ثمَّ اعتذرَ إليهِ عن الردّ باللفظِ [له] (٥)، لأنهُ الذي كانَ يردُّ بهِ عليهمْ في الصلاةِ فلمَّا حَرُمَ الكلام ردَّ عليهِ - صلى الله عليه وسلم - بالإشارةِ ثمَّ أخبره أن الله أحدث من أمره "أن لا يتكلَّموا في الصلاة فالعجب من قول من قال: يرد باللفظِ معَ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قالَ هذا، أيْ: "أن اللَّهَ أحدثَ منْ أمرهِ [أن لا يتكلَّموا في الصلاة] (٥) "في الاعتذارِ عنْ ردّهِ على ابن مسعودٍ السلامَ باللفظِ، وجعلَ ردَّهُ السلامَ في الصلاةِ كلامًا، وأنَّ اللَّهَ نَهَى عنهُ. والقولُ بأنهُ مَنْ سَلَّمَ على المصلِّي لا يستحقُّ جوابًا يعني بالإشارةِ، ولا [باللفظِ] (٦): يردُّهُ رَدَّهُ - صلى الله عليه وسلم - على الأنصارِ، وعلى جابرٍ بالإشارةِ، ولو كانُوا لا


(١) زيادة من (ب).
(٢) أخرجه البخاري (١١٩٩) و (١٢١٦) و (٣٨٧٥)، ومسلم (٥٣٨)، وأبو داود (٩٢٣)، والنسائي (٣/ ١٩)، وأحمد في "المسند" (١/ ٤٠٩)، والبيهقي (٢/ ٢٤٨)، والطبراني في "الكبير" (١٠/ ١٣٥ رقم ١٠١٢٤)، وابن خزيمة (٢/ ٣٤ رقم ٨٥٥)، والبغوي في "شرح السنة" (٣/ ٢٣٥ رقم ٧٢٤) وغيرهم.
(٣) في "السنن الكبرى" (٢/ ٢٦٠).
(٤) في (ب): "شغلًا".
(٥) زيادة من (أ).
(٦) في (أ): "لفظ".