للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقولُه: "ولكنْ جهادٌ ونيةٌ"، قالَ الطيبيُّ (١) وغيرُه: "هذا الاستدراكُ يقتضي مخالفةَ حكمِ ما بعدَه لما قبلَه، والمعنَى أنَّ الهجرةَ التي هيَ مفارقةُ الوطنِ التي كانتْ مطلوبةً على الأعيانِ إلى المدينةِ قدِ انقطعتْ، إلَّا أنَّ المفارقةَ بسببِ الجهادِ باقيةٌ، وكذلكَ المفارقةُ بسببِ نيةٍ صالحةٍ كالفرارِ منْ دارِ الكفرِ والخروجِ في طلبِ العلمِ والفرارِ منَ الفتنِ، والنيةُ في جميعِ ذلكَ مُعْتَبَرةٌ.

وقالَ النوويُّ (٢): المعنَى أنَّ الخيرَ الذي انقطعَ بانقطاع الهجرةِ يمكنُ تحصيلُه بالجهادِ والنيةِ الصالحةِ. وجهادٌ معطوفٌ بالرفعِ على محلِّ اسمِ لا.

[الإخلاص في الجهاد واجب]

٨/ ١١٨٧ - وَعَنْ أَبي مُوسى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ في سَبِيلِ اللهِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٣). [صحيح]

(وعنْ أبي مَوسَى الأشعريِّ قالَ: قالَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ قاتلَ لتكونَ كلمةُ اللهِ هيَ العليا فهوَ في سبيلِ اللهِ، متفقٌ عليهِ). وفي الحديثِ هُنَا اختصارٌ، ولفظُه: "عنْ أبي موسَى أنهُ قالَ أعرابيٌّ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: الرجلُ يقاتلُ للمغنَم، والرجلُ يقاتلُ ليُذكر، والرجلُ يقاتلُ لِيُرَى مكانَه، فمنْ في سبيلِ اللهِ؟ قَالَ مَنْ قاتلَ" الحديثَ. والحديثُ دليلٌ علَى أنَّ القتالَ في سبيلِ اللهِ يكتبُ أجرُه لمنْ قاتلَ لتكونَ كلمةُ اللهِ هيَ العليا، ومفهومُه أنَّ مَنْ خَلَا عنْ هذهِ الخصلةِ فليسَ في سبيلِ اللهِ وهوَ مِنْ مفهومِ الشرطِ، [ويبقى] (٤) الكلامُ فيما إذا انضمَّ إليها قصدُ غيرِها وهوَ المغنَمُ مَثَلًا، هلْ هوَ في سبيلِ اللهِ أَوْ لَا؟.

قالَ الطبريُّ: إنهُ إذا كانَ أصلُ المقصدِ إعلاء كلمةِ اللهِ لم يضرَّ ما حصلَ


(١) ذكره عنه ابن حجر في "فتح الباري (٦/ ٣٩).
(٢) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٩/ ١٢٣).
(٣) البخاري رقم (٢٨١٠)، ومسلم رقم (١٩٠٤). قلت: وأخرجه أبو داود رقم (٢٥١٧)، والترمذي رقم (١٦٤٦)، والنسائي (٦/ ٢٣)، وابن ماجه رقم (٢٧٨٣).
(٤) في (أ): "وبقي".