للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بقي عليهِ منْ مكاتبتهِ درهمٌ. أخرجَه أبو داودَ بإسنادٍ حسنن، وأصلُه عندَ أحمدَ والثلاثةِ، وصححَة الحاكمُ). ورُوِيَ منْ طرقٍ كلُّها لا تخلُو عنْ مقالٍ. قالَ الشافعيُّ في حديثٍ عمروِ بن شعيب: لا أعلمْ أحدًا رَوَى هذا إلَّا عمروُ بنُ شعيبٍ، ولم أرَ مَنْ رضيتُ منْ أهلِ العلَمِ يثبتُه. وعلى هذا فُتْيَا المفتينَ. والحديثُ دليَلٌ على أن المكاتِبَ إذا لم يفِ [بما كُوتِبَ عليهِ] (١) فهوَ عبدٌ، لهُ أحكامُ [الرق] (٢)، وإلى هذا ذهبَ الجمهورُ، الهادويةُ والحنفيةُ والشافعيُّ، ومالكٌ، وفي المسألةِ خلافٌ فروي عنْ عليٍّ عليه السلام أنهُ يعتقُ إذا أدَّى شرط ما كتب عليه. ويُرْوَى عنهُ أنهُ يُعْتَقُ بقدرِ ما أدَّى، ودليلهُ ما أخرجه النسائيُّ (٣) منْ طريق عكرمةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "يودَى المكاتبُ بحصةِ ما أدَّى ديةَ حرٍّ، وما بقىَ ديةُ عبدٍ". قالَ البيهقيُّ (٤): قالَ أبو عيسَى فيما بلغني عنهُ: سألتُ البخاري عنْ هذَا الحديثِ فقالَ: رَوَى بعضُهم (٥) هذا الحديثَ عنْ أيوب عن عكرمةَ عنْ على. قال البيهقي: فاختلفَ [على] (٦) عكرمةَ فيهِ، وروايةُ عكرمةَ عنْ عليٍّ مرسلةٌ، ورواية عكرمة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مرسلةٌ، ورُوِيَ عنْ عليٍّ - رضي الله عنه - منْ طرقٍ مرفوعًا وموقُوفًا.

قلت: فقدْ ثبتَ لهُ أصلٌ إلا أنهُ قدْ عارضَه حديثُ الكتابِ. وقولُ الجمهورِ دليلهُ الحديثُ، وإنْ كانَ ما خلتْ طرقُه عنْ قادحٍ، إلَّا أنهُ أيدتْهُ آثارٌ سلفيةٌ عن الصحابةِ، ولأنهُ أخذَ بالاحتياطِ في حق السيِّدِ، فلا يزولُ ملكُه إلا بما قدْ رضي بهِ منْ تسليمِ ما عندَ عبدِه، فالأقربُ كلامُ الجمهورِ.

[المكاتب كالحر إذا كان معه ما كوتب عليه]

٣/ ١٣٥١ - وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا كَانَ


(١) في (أ): "بحال الكتابة".
(٢) في (ب): "المماليك".
(٣) في "السنن" (٨/ ٤٥ رقم ٤٨٠٩).
(٤) في "السنن الكبرى" (١٠/ ٣٢٦).
(٥) أخرجه الترمذي (٣/ ٥٦٠) معلقًا، ووصله أبو داود (٤٥٨١)، والنسائي (٨/ ٤٥/ رقم ٤٨٠٩)، وأحمد (١/ ٢٦٠، ٢٩٢، ٣٦٣)، والبيهقي (١٠/ ٣٢٥)، والحاكم (٢/ ٢١٨)، وابن الجارود في "المنتقى" رقم (٩٨٢).
قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري. ووافقه الذهبي.
والخلاصة: أن الحديث صحيح. وقد صحّحه الألباني في "الإرواء" (١٧٢٦).
(٦) في (أ): "عن".